مقال

الدكروري يكتب عن ظاهرة الفساد فى الأرض ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ظاهرة الفساد فى الأرض ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع ظاهرة الفساد فى الأرض، ومن الإفساد الكبير في الأرض، ومن عِظم منزلة المؤمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال” ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به فى الدنيا والآخره، أقرؤوا إن شئتم ” النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ” كما جاء فى سورة الأحزاب، فأيما مؤمن ترك ملا فليرثه عصبة من كانوا، فإن ترك دينار، أو صياعا فليأتنى فأنا مولاه ” وإن زوال الدنيا وما فيها أهون عند الله عز وجل من قتل رجل مسلم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لزول الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ” وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن مجرد ترويع المسلم لا يحل فقال صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ” وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لن يزال المؤمن فى فسحة من دينة ما لم يصب دما حراما ” رواه البخارى، وليس فقط الاعتداء على المسلم أو على النفس المعصومة، بل حمل السلاح عليها وترويعها وإخافة الآمنين، فكل هذا من الإفساد في الأرض فيقول صلى الله عليه وسلم ” من حمل علينا السلاح فليس منا ” رواه البخاري ومسلم، فهذه الأحاديث والأقوال تبين خطر الاعتداء على دماء المسلمين، بل إن أول ما يحكم بين الناس يوم القيامة في الدماء، كما ثبت ذلك عند البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء ” فإن من صور الإفساد في الأرض ليس قتل نفس المؤمن المسلم، بل أيضا يشمل ذلك المعاهد، والمستأمن، فإن الله عز وجل قد حفظ له حقه، فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليؤخذ من مسيرة أربعين عاما ” ولقد بيَّن الله عز وجل لنا أن من اعتدى على أموال الناس، وأعراضهم، ودينهم، أنه مفسد في الأرض، فما جزاء هذا الذي يفسد ويعتدي؟ فقد بََّين الله جل وعلا الجزاء في كتابه فقال تعالى ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يفتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، وهذا جزاء من أفسد في الأرض التي أمر الله تعالى بإعمارها بطاعته عز وجل، والانشغال بذكره سبحانه وتعالى وقد صرح جمع من أهل العلم أنه بمجرد قطع الطريق، أو إخافة السبيل فهنا ترتكب الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال، أو جرح، أو قَتَل، أو فعل كبيرة؟ فكل هذا لا يجوز، وإن من مظاهر الفساد هو زعزعة الأمن، فإن الأمن في الأوطان مطلب كل يريده.

 

وكل يطلبه، فإنه أول مطلب طلبه نبى الله إبراهيم عليه السلام من ربه فقال عز وجل، فقال تعالى في كتابه الكريم فى سورة إبراهيم ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام ” ثم قال تعالى في الآية الثانية فى سورة ألبقرة ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد امنا وارزق اهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر” فأول طلب طلبه نبى الله إبراهيم عليه السلام لتحقيق العبادة أن يكون هناك أمن، ثم كرر الطلب في الآية الثانية، فقريش قد أنعم الله عليها بنعمة الأمن، فأطعمها من جوع وآمنهما من خوف، هذه الآيات تبين وجوب الاهتمام بهذا الأمر، وأن من يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله، فمن زعزعة الأمن حمل السلاح على الناس، ونشر الأقوال الفاسدة، ونشر الطعن في ولاة الأمر، أو العلماء، أو الطعن في أصل من أصول الدين.

 

وهذه القنوات الفضائية التي تبث ليلا ونهارا، وتغزو الناس في دورهم وفي أماكن أعمالهم ليس خطرها فقط في الأخلاق وإنما خطرها الأكبر زعزعة الأمن، فيجب التنبه والحذر من هذا كله، وكذلك من مظاهر الفساد هو عدم السمع والطاعة لولاة الأمر، الذين أمرنا الله عز وجل، بالسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره، وأمر بذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن في السمع والطاعة تعاون الجميع واجتماعا للكلمة، وهذا أصل من أصول الدين، بعض الناس يعتقد أن الحديث في موضوع السمع والطاعة لولي الأمر من المسائل السهلة، فإن جميع أهل العلم جعلوه في باب العقائد، لأن هذا أصل من أصول الدين يجب أن يعرفه كل واحد، وأن يهتم به، ويقول الإمام البربهاري رحمه الله ” من ولي الخلافة بإجماع الناس ورضاهم، فهو أمير المؤمنين، لا يحل لأحد أن يبيت ليلة، ولا يرى أن ليس عليه إمام برا كان أو فاجرا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى