مقال

الدكروري يكتب عن الإمام السخاوي ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام السخاوي ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وقد استهل السخاوي مجهوده التاريخي بوضع كتاب التبر المسبوك في ذيل السلوك، والسلوك الذي وضع هذا الكتاب ذيلا له هو كتاب السلوك في دول الملوك، وهو لتقي الدين المقريزي، وقد تناول فيه تاريخ دول المماليك المصرية حتى سنة ثماني وأربع وأربعين من الهجرة، وتناول السخاوي في كتابه تاريخ مصر الإسلامية من سنة ثماني مائة وخمس وأربعين من الهجرة، إلي سنة ثماني ومائة وسبع وخمسين من الهجرة، وكتبه كما يقرر في مقدمته نزولا على رغبة الداوادار يشبك المهدي وزير السلطان الظاهر خشقدم وعني السخاوي بتدوين حوادث هذه الفترة المعاصرة بإسهاب، وذيل كل عام بوفيات أعيانه، واتبع فيه طريقة الترتيب الزمني، وأيضا من مؤلفاته هو كتاب ذيل رفع الأصر، حيث كتب السخاوي أيضا ذيلا لكتاب شيخه ابن حجر رفع الأصر عن قضاة مصر، وهو الذي يتناول فيه تراجم القضاة المصريين حتى عصره.

 

وسماه ذيل رفع الأصر، وفيه يتناول تراجم القضاة المصريين حيث وقف شيخه ابن حجر، وكما أن من أعظم آثار السخاوي بلا ريب هو كتابه الضخم الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، وهو موسوعة حافلة تقع في عدة مجلدات وينم عنوانها عن موضوعها، ويبسط لنا السخاوي موضوع كتابه في ديباجته على النحو الآتي “فهذا كتاب جمعت فيه من علمته من هذا القرن الذي أوله سنة إحدى وثماني مائة، ختم بالحسنى، من سائر العلماء والقضاة والصلحاء والرواة والأدباء والشعراء، والخلفاء والملوك والأمراء، والمباشرين والوزراء، مصريا كان أو شاميا، حجازيا أو يمنيا، روميا أو هنديا، مشرقيا أو مغربيا، بل وذكرت فيه بعض المذكورين بفضل ونحوه من أهل الذمة، وقد هيأت حياة السخاوي نفسه وتجواله في مصر والشام والحجاز ولقاؤه لمئات العلماء والأدباء في عواصم هذه الأقطار، وما قيده عنهم في مختلف رحلاته.

 

مادة حسنة لكتابة المستقبل وأنفق السخاوي بلا ريب أعواما طويلة في إعداد مواده وتنظيمها واستكمالها والظاهر أنه لم يبدأ في كتابة معجمه إلا في أواخر القرن التاسع حوالي ثماني مائة وتسعين من الهجرة، واستمر في الكتابة فيه سبع سنوات أو ثماني سنوات، ويدل على ذلك أنه يصل في ترجمة نفسه حوادث حياته حتى سنة ثماني مائة وسبع وتسعين من الهجرة، وأنه يذكر ضمن كتبه كتاب التوبيخ لمن ذم أهل التاريخ وقد كتبه حسبما يقرر في خاتمته بمكة سنة ثماني مائة وسبع وتسعين من الهجرة، هذا فضلا عن أنه يترجم لكثيرين توفوا سنة ثماني مائة وسبع وتسعين من الهجرة، ويمتاز كتابه الضوء اللامع، بقوة فائقة في التصوير ليس لها نظير في كتب التراجم الإسلامية، ويمتاز بالأخص بروحه النقدية اللاذعة وهنا يبدو السخاوي في أعظم خواصه وكفاياته الأديبة نقاده لا يجارى وأن هذه النزعة النقدية تحمله بعيدا في مواطن كثيرة.

 

فينزع عندئذ إلى التجريح والهدم بقسوة، ويطبع نقده تحامل بين وقد ترجم السخاوي كثيرا من أقطاب العصر، ولكن لا أحدا منهم إلا شيخه ابن حجر لم ينجو من تجريحه اللاذع وتراجم المقريزي وأبن خلدون وأبن تغري بردى والسيوطي أمثلة واضحة لهذه النزعة الهدامة، وكما كتب السخاوي إلى جانب الضوء اللامع كتبا أخرى في التراجم منها حسبما يذكر كتاب الشافي من الألم في وفيات الأمم، وهو ثبت لوفيات الأعيان في القرنين الثامن والتاسع مرتب حسب السنين، وعدة تراجم مطولة لبعض الأئمة، وأيضا كتاب الجوهر والدرر وهو ترجمة شيخه ابن حجر في مجلد ضخم، وفي خاتمته ما يفيد أن السخاوي كتبه في مكة وفيه يتحدث بإفاضة عن نشأة أبن حجر، وتربيته، وصفاته، ومواهبه، وعن حلقاته ودروسه وتصانيفه، ثم يورد مختاراته من كلامه وفتاويه، وما قيل في رثائه من نثر ونظم، وكما أن هناك عدة مؤلفات تاريخية أخرى يذكر السخاوي أنه كتبها.

 

ولكنها لم تصل إلينا مثل التاريخ المحيط، الذي يشغل ثلاثمائة رزمة، وتاريخ المدنيين، وتلخيص تاريخ اليمن، ومنتقى تاريخ مكة، ثم طائفة أخرى منوعة منها ختم السيرة النبوية لأبن هشام، القول النافع في بيان المساجد والجوامع، القول التام في فضل الرمي بالسهام، عمدة المحتج في حكم الشطرنج، الكنز المدخر في فتأوي شيخه أبن حجر، القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع، ومن هذا الأخير نسخة بدار الكتب، وتحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والبقاع المباركات، ويوجد في تراث السخاوي أثرين من نوع خاص ولهما أهمية خاصة، وقد انتهى كلاهما إلينا أولهما كتاب تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والبقاع المباركات، وهو دليل لخطط المشاهد والمزارات والبقاع المقدسة، وخصوصا مصر القاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى