مقال

الدكروري يكتب عن منزلة العهد من الإيمان ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن منزلة العهد من الإيمان ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الوفاء من صفات أولي الألباب أهل العقول النيرة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى فى سورة الرعد” إنما يتذكر أولوا الألباب، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ” وإن الوفاء من صفات الأنبياء والمرسلين فقال تعالى فى سورة النجم ” وإبراهيم الذي وفى ” وقال تعالى فى سورة مريم “واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ” وإن العهود التي يرتبط المسلم بها درجات، فأعلاها مكانة، وأقدسها ذمة، العهد الذي بين العبد والرب، فإن الله خلق الإنسان بقدرته، ورباه بنعمته، وطلب منه أن يعرف هذه الحقيقة وأن يعترف بها فقال تعالى “ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم” وإن الوفاء هو إيمان الفطرة فقال تعالى فى سورة الأعراف ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى.

 

“وإن الوفاء هو نشر العلم وتبليغه وبيانه وتبيينه فقال تعالى فى سورة آل عمران” وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ” وإن الوفاء هو التزام المسلم بدين الله واتباعه شرعه وسلوكه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الوفاء، ويقول بن عباس رضي الله عنهما ” كل ما أحل الله وما حرم وما فرض في القرآن فهو عهد “وقال الله تعالى فى سورة التوبة ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه من الله ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ” ولقد تكفل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه ، مع ما نال من أجر وغنيمة ” رواه مسلم، وأما عن العهود التي بين الخلق، هو قيام المسلم بما التزم به من قول أو كتابة تجاه إخوانه المسلمين.

 

فقال تعالى” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ” وكذلك توكيد اليمين وعدم نقضها فقال تعالى” وأوفوا بعهد الله ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ” وأيضا عقد الزواج من العهد فقال صلى الله عليه وسلم ” إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج ” رواه البخاري، وإن من الوفاء بين الخلق هو الإحسان إلى الأبناء وتربيتهم فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ” ومن أهملهم لم يوفي بما عُهد إليه، ومن الوفاء هو حفظ حقوق الجار بأن لا تستباح حرمته، ولا ينال من عرضه، ولا يستحل ماله فقال صلى الله عليه وسلم” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله ؟ قال ” الذي لا يأمن جاره بوائقه ” رواه البخاري، ومن الوفاء إيفاء المسلمين حقوقهم عامة فقال صلى الله عليه وسلم ” حق المسلم على المسلم ست، إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه ” رواه مسلم.

 

ومن الوفاء احترام العقود والأمر بإنفاذ الشروط التي بين المسلمين ” المسلمون عند شروطهم ” رواه البخاري، وإن من الوفاء هو أداء الدين لمستحقيه وعدم المماطلة فيه فقال صلى الله عليه وسلم” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ” رواه البخاري، وإن من التسويف في أداء أجرة الأجراء وحقوق العمال الضعفاء فقال صلى الله عليه وسلم ” قال الله عز وجل ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ” رواه البخاري، وقيل أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله مات أبي وأمي فهل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما ” رواه أبو داود.

 

وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” غاب عمّي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرينّ الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون ، فقال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها دون أحد، قال أنس فوجدنا به بضعا وثمانين ما بين ضرية بالسيف أو طعنة بالرمح أو رمية بالسهم، ووجدناه قد مثّل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته بشامة ببنانه” رواه البخاري، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها من أنت ؟ قالت أنا جثامة المزنية، فقال بل أنت حسانة المزنية ، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت قلت يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ فقال إنها كانت زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى