مقال

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ولكن في هذا اليوم عاد الشاب إلى بيته ويغمره شعور الفرحة والسعادة، فسألته والدته عن السبب، فقال لها اليوم يا أمي وأن أصطاد الطيور في الغابة قد قابلت شابا في مثل عمري وقد وجدت حديثه لطيفا وكلماته رقيقة، ففكرت في أن نصبح أصدقاء، فقالت له الأم وكيف علمت أنه هو الصديق الذي تبحث عنه ؟ فأجابها أنه يشعر بسعادة غامرة لأنه أخيرا سوف يكون له صديقا وفيا، وهنا ضحكت الأم ومسحت على رأسه وقالت له اليوم سوف أساعدك في أن تتعلم أول درس في اكتشاف الصديق الوفي والمخلص لكي تتخذه رفيقا في طريق حياتك، فقال لها الشاب أشكرك يا أمي على مساعدتك، وبعد فترة قصيرة طلبت الأم من الولد أن يقوم بدعوة صديقه غدا على الغداء، فتعجب الشاب من الأم، فقالت له انتظر حتى الغد ولن تتعجب، وبالفعل ذهب الشاب إلى صديقه الجديد على الفور وقال له إنك مدعو غدا إلى بيتي لكي تتناول الغداء معنا.

 

فقال له الصديق وهل هناك عزومة كبيرة لديكم غدا ؟ فقال له الشاب لا، فمأدبة الطعام هذه قد تم اعدادها لك بمفردك، لأنك سوف تصبح صديقي الصدوق، وبالفعل ذهب الصديق إلى بيت الشاب في الموعد المحدد، وقد قدم له الشاي والقهوة والفاكهة، ثم جاء وقت تقديم الطعام، فدخل الشاب على صديقه بصينية طعام بها خيرات الله من اللحوم والأرز والخضار والخبز، وما أن وضع الصينية أمام الصديق حتى قال له إنني سوف أذهب لقضاء حاجة ضرورية للبيت الآن، وقد أتأخر قليلا، فإذا وجدت نفسك جائعا فتناول الطعام ولا تنتظرني، فقال له الصديق حسنا، وبالفعل خرج الشاب وأغلق باب الحجرة على الصديق وتركه فترة قليلة وهو يراقبه من فتحة مفتاح الباب، وإذ به يجده يأكل الطعام بشراهة ويشرب الماء حتى انهى كل الطعام الذي يوجد أمامه، وبعد أن فرغ من الطعام دخل عليه الشاب ووجد كل الأطباق فارغة، فسأله هل أكلت ؟

 

قال له الحمد لله، لقد تأخرت علي وكنت جائعا فقد أكلت، وبعد فترة سلم الصديق على الشاب وشكره على الطعام ثم غادر مسرعا، ثم جرى الشاب على والدته ليسألها عما حدث، فقد كان بترتيب مسبق منها، فقالت له الأم أن هذا الشخص لا يصلح صديقا لك يا ولدي، فالصديق المخلص الوفي ينتظر صديقه لكي يتناول معه العيش والملح، فسوف تمر فترات عليك يا بُني ستحتاج فيها لمن يشاركك الحلو قبل المُر، فهو لم يسألك عن هذه الحاجة الضرورية التي اضطرتك لأن تخرج وتتركه في البيت، ولم يهتم إن كنت تريد مساعدة منه وتحتاج إليه أم لا، وكل ما شغل تفكيره هو الطعام والشراب، وهنا اقتنع الشاب وقال لها فعلا يا أمي كلامك صحيح، لن أتخذه صديقا في مشوار حياتي، وفي يوم من الأيام دخل الشاب على أمه وهو يقول لها، ربما هذه المرة يا أمي قد عثرت فعلا على الصديق الحقيقي، فتعجب الأم لحديث ولدها وقالت له لماذا تقول هذا يا ولدي ؟

 

فقال لها بينما أنا أصطاد في الغابة فإذا بقدمي تنزلق في صخرة كادت أن تجعلني أقع في بئر، فإذا بيد تساعدني لكي أنهض، وعندما تحققت من هذه اليد وجدتها يد شاب في مثل عمري، وقد دعوته على الغداء يا أمي غدا حتى أعرف إن كان سوف يصبح صديقي أم لا، فضحكت الأم وقالت له تعلمت الدرس يا ولدي، وفي الوقت المحدد جاء الصديق إلى بيت الشاب وفعل معه مثلما فعل مع الصديق الأول، إلى أن قدّم له صينية الغداء وأخبره بأن هناك أمرا ضروريا سيضطره إلى أن يخرج من البيت ويتركه، فإذا شعر بالطعام عليه أن يأكل، هنا وقف الشاب وقال له ما هي هذه الحاجة الضرورية ؟ إن كنت تحتاج إلى مساعدة فسوف أذهب معك، وإن كنت لا تحتاج إلى مساعدتي فأذن لي أن أنصرف وأن نقوم بتأجيل الموعد إلى يوم آخر، فأنا لم أزورك لكي أتناول طعام وإنما لكي نتجاذب أطراف الحديث ونجلس سويا ونتناول الطعام معا.

 

هنا علت البسمة وجه الشاب وذهب إلى أمه بالخارج يقول لها الآن فقط يا أمي قد عثرت على صديقي الحقيقي، فقالت له الأم نعم يا ولدي أنت الآن قد عثرت بالفعل على صديقك الوفي، وهنا عرف الشاب معنى كلمة الاخلاص والوفاء بين الاصدقاء وقد عاش هو وصديقة كل منهم وفيا ومخلصا للأخر، فيجب علينا ضرورة اختيار الصديق قبل الطريق، وضرورة العمل بجانب الدراسة، والاستماع إلى نصيحة الوالدين لأنهم دائما أدرى بالمعرفة أكثر منا وأكثر خبرة عنا، وكذلك ضرورة التعاون بين الأصدقاء، وكذلك ضرورة الاخلاص والوفاء بين الاصدقاء، والتمسك بالصديق الوفي والمخلص، فإن من الأخلاق الجميلة، والخصال الحميدة، التي أمر الله بها ورغب فيها الوفاء بالعهود، والوفاء بالعهد ضد الغدر والكذب والخيانة، وفي الوفاء بالعهود تآلف القلوب وتقوية الأواصل بين الأمة المسلمة، وإثبات محاسن الدين وفضائله لغير المسلمين، ليعلموا هذا الدين حقا وما اشتمل عليه من أخلاق وفضائل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى