مقال

الدكروري يكتب عن إياكم والمعاصي في هذه العشر  

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم والمعاصي في هذه العشر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المعاصي هي سبب البعد والطرد من رحمة الله عز وجل، وإن الطاعات أسباب القرب والود، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرّم الله عليه” متفق عليه، وكذلك كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة، والصدقة، والجهاد، والقراءة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك فإنها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وإن كان مفضولا، فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها، وإن كان فاضلا حتى الجهاد، الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده، وأهريق دمه، وكذلك يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد، ويشرع التكبير المقيّد، وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحجاج من فجر يوم عرفة وللحجاج من ظهر يوم النحر.

 

ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، وتشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبر ووضع رجله على صفاحهما” متفق عليه، وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال “إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره” وفي رواية “فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي” ولعل ذلك تشبها بمن يسوق الهدي، فقد قال الله تعالى “ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله” وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية، ولا يعم الزوجة ولا الأولاد، إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه، ولو سقط منه شيء من الشعر، وعلى المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى.

 

وحضور الخطبة والاستفادة، وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر، وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر، ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني، والملاهي، والمسكرات ونحوها، ويجب علينا معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر، وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر، ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني، والملاهي، والمسكرات ونحوها، مما قد يكون سببا لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره، والقيام بالواجبات، والابتعاد عنِ المنهيات، واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضا مولاه، وها نحن بعد أيام قليلة سنعيش في شهر ذي الحجة، فهذا الشهر أيامه العشر الأولى أيام مباركات، وهى أيام من أفضل أيام الله، أيام أقسم الله بها في كتابه الخالد، وهى أيام نص على فضلها كتاب الله تعالى.

 

وأيام حدثنا عن فضلها نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم وأخبرنا بأن العمل الصالح فيها من أحبها إلى الله تعالى، فالعمل في هذه العشر يفوق الجهاد في سبيل الله تعالى ونحن وللأسف الشديد تمر علينا هذه الأيام كل عام ولا نفرق بينها وبين غيرها، ولا نعمل فيها زيادة عبادة ولا طاعة، فها هي أيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، إنها أفضل أيام الله ونجد كثيرا من الناس يحرص على الطاعات في العشر الأواخر من رمضان، ويشمر ويكثر من تلاوة القرآن، ويكثر من الدعاء والصدقة وغيرها، وهذا طيب وجميل، ولكن في عشر ذي الحجة لا يعمل من هذا شيء، مع أن عشر ذي الحجة هناك من العلماء، من قال إنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان، ومن الأعمال العظيمة فى هذه الأيام هى الصدقة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تعبد عابد من بني إسرائيل، فعبد الله في صومعة ستين عاما، فأمطرت الأرض فاخضرت.

 

فأشرف الراهب من صومعته، فقال لو نزلت فذكرت الله، فازددت خيرا، فنزل ومعه رغيف أو رغيفان، فبينما هو في الأرض لقيته امرأة، فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها، ثم أغمي عليه، فنزل الغدير يستحم، فجاء سائل فأومأ إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات، فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزنية، فرجحت الزنية بحسناته، ثم وُضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته، فرجحت حسناته، فغفر له” رواه ابن حبان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحب أن تسره صحيفته، فليكثر من الاستغفار” رواه البيهقي، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة” رواه الطبراني، وقيل في زمن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى كان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد، ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد، حاول معه الإمام ولكن لا جدوى.

 

فقال له الإمام سأنام موضع قدمي، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخا وقورا تبدو عليه ملامح الكبر، فرآه خباز، فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة، عرض عليه المبيت، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز، فأكرمه ونعّمه، وذهب الخباز لتحضير عجينة لعمل الخبز، المهم أن الإمام أحمد بن حنبل سمع الخباز يستغفر ويستغفر، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال، فتعجب الإمام أحمد بن حنبل، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل، فأجابه الخباز بأنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن، فهو يستغفر، فسأله الإمام أحمد وهل وجدت لاستغفارك ثمرة؟ فقال الخباز نعم والله، ما دعوت دعوة إلا أجيبت، إلا دعوة واحدة، فقال الإمام أحمد وما هي؟ فقال الخباز رؤية الإمام أحمد بن حنبل فقال الإمام أحمد، أنا أحمد بن حنبل، والله إني جُررت إليك جرّا.

 

فجدوا واجتهدوا في هذه الأيام المباركة، واحذروا المعاصي والآثام لأن المعاصي تحرم المغفرة في موسم الرحمة، فكما أن المعاصي سبب البعد والطرد من رحمة الله وخيره وبركته، فإن الطاعات وسيلة القرب والرضوان وتحقيق الآمال، فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، نسأَل الله أن يوفقنا أن نقدم في هذه الأيام أعمالا صالحة، فقدروا نعمة الله عليكم أن جعل لكم مواسم تستكثرون فيها من الأعمال الصالحة التي تقربكم إليه، وتنالون بها زلفى إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى