مقال

الدكروري يكتب عن التستر والتعري في ميزان الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التستر والتعري في ميزان الحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن التستر جزء من الدين، والفسق والمعصية تميلان إلى التعرى، وإذا بلغ الفجور أقصى حده تنشأ نوادى العُراة حيث يكون الإنسان فيها كالبهيمة، فإنها قضية ذوقية، فالإنسان جميل بالثياب، وبشع بلا ثياب، ولكن الأذواق سقطت فى وحُول الشهوات، حتى المرأة جمالها، في حشمتها، وفي ثيابها السابغة، فإذا تبذلت سقطت من عين الناس، وعن عطاء بن يسار قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن اخرج، كأنه يعنى إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم” أليس هذا خيرا من أن يأتى أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟ ” وكأنه الآن يوجد اتجاه للشعر الثائر والمبعثر وهى أحدث صرعة في تصفيف الشعر فالأذواق هبطت، والأذواق الثابتة أصبحت ساقطة، وعن السيدة عائشه رضى الله عنها قالت.

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” تنظفوا فإن الإسلام نظيف” رواه ابن حبان، وهذه كلمة مطلقة يقولون فلان نظيف قد تعني أكثر من أنه نظيف البدن، فإنه واضح، وعلاقاته واضحة، وسره كعلانيته، ولا يوجد عنده خبث ولا خداع، ومبادئه صريحة، ووسائل مبادئه أوضح من مبادئه، وإن النظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة، فتنظفوا فإن الإسلام نظيف، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة، ويبدو أن المؤمن إذا تنظف كأنه تقرب إلى الله عز و جل، وكيف ؟ لأن الله عز و جل يقول فى سورة البقرة ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” فإن الله يحب الطاهر، فإذا نظف الإنسان جسمه وبالغ في الاستحمام، تعطر وارتدى ثيابا نظيفة، تأنق فيها، واعتنى بها، فهذا من الدين، أليس عارا أن يكون الفاسق الفاجر الكافر أشد نظافة وأناقة من المؤمن؟ وأليس هذا عارا على المؤمنين.

 

وأليس عارا أن يكون متجر الكافر مرتبا نظيفا منظما ومتجر الإنسان المسلم مضطربا فيه الفوضى والغبار أيليق هذا بالمسلم، فإن النظافة عامة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم حث على نظافة الثياب ونظافة الأبدان ونظافة البيوت ونظافة الطرق وعني خاصة بنظافة الأسنان ونظافة الأيدي ونظافة الرأس وهناك أحاديث كثيرة فى ذلك، فإن الوضوء وطهارة البدن والثياب والمكان أول فريضة تعبدية شرطها النظافة، وهل تعجبون أن النظافة جعلها الله تعالى مفتاحا وشرطا لأول فريضة تعبدية في الإسلام وهي الصلاة، فالصلاة عماد الدين شرطها الطهارة، وهو الوضوء، وطهارة البدن، وطهارة الثوب، وطهارة المكان، فهذه هي الصلاة، فهل تستطيع الصلاة على مكان نجس؟ وهل تستطيع الصلاة فى ثياب نجسة؟ فى بدن نجس؟ لا تستطيع، فإن الوضوء، وطهارة البدن، والثياب، والمكان، فهى أول فريضة تعبدية على الإطلاق، شرطها النظافة.

 

فقد رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال ” أما كان يجد ما يسكن به شعره؟ ” ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال” أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟ رواه أبو داود، وهكذا كان يتحدث النبى صلى الله عليه وسلم بلطف، وأنه أول انطباع للإنسان يكون عن الشكل ثم المنطق ثم المعاملة وذلك لأن أنت مؤمن، وأنت محسوب على المؤمنين، ومظنة إيمان عند أهلك، وعند أخوتك، وعند أصحابك، وعند جيرانك، وعند زملائك فى بلدك وهذا أيضا مسلم يحضر دروس علم، فهذا الإنسان بالذات ينبغى أن يكون فى أعلى درجة من النظافة والأناقة، ونحن لا نقول أن تلبس ثيابا فخمة غالية أبدا، فيمكن أن ترتدى أرخص ثوب لكنه نظيف، ويمكن أن تختار ألوانا متناسبة، أيليق بإنسان يؤم الناس في المساجد أن يركب دراجة وحذاء بلا جوارب وبلا رباطات، ويرفع ثوبه مظهرا ملابسه الداخلية.

 

وهل يليق بالإنسان هكذا أهكذا المؤمن؟ يقول لك درويش، ليس هذا هو الدين، فعن سهل بن الحنظلية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “أصلحوا رحالكم، وحسنوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس ” رواه أحمد، وإن الشخص إذا التقى بشخص آخر أول مرة يتفحصه من هيئته فقط، فإن أول انطباع الشكل، الأناقة، النظافة، الشعر، الثوب، الترتيب، أول انطباع، عندما يتكلم الإنسان ينسى الناس ثيابه وينتبهون لكلامه، وعندما يعاملهم ينسون كلامه، وهذا هو الشكل ثم المنطق ثم المعاملة، وقيل عن المعامله أنه يقال أتعرف فلان؟ قال نعم أعرفه، قال هل جاورته أو عاملته؟ قال لا، قال هل سافرت معه؟ قال لا، قال إذن أنت لا تعرفه، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لرجل ذات يوم ولا يضرك أنى لا أعرفك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى