مقال

الدكروري يكتب عن تأثر الصحابة بالإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تأثر الصحابة بالإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أحدهم دعاء طيبا ولو على ميت، ولو لميت تأثر به، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه فيقول الراوى فحفظت من دعائه وهو صلى الله عليه وسلم يقول” اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، أو من عذاب النار” فماذا قال الصحابي لما سمع هذه الدعوات، وهي لميت مات، فماذا قال الصحابي؟ حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت، تمنيت أنا فيقول الصحابي تمنيت أن أكون ذلك الميت، لماذا تمنى أن يكون ذلك الميت؟ لأنه تأثر من هذه الأدعية، التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الميت، يتأثرون حتى من الدعاء، ولو لميت.

 

فيتمنى أن يكون مكانه، لهذه الأدعية التي دعا بها صلى الله عليه وسلم، وكانت الصحابة يتأثرون عند الحث على فعل الخير ولا يجدون ما يتصدقون به، والصحابة رضوان الله عليهم كثير منهم كانوا فقراء، لا يملكون شيئا، خصوصا في بداية الدعوة، عندما يسمع الصحابة الأوامر التي تحث على أفعال الخير، وهم لا يملكون شيئا، عندما يسمعون الأحاديث تحث على الصدقة، لا يملكون دنانير يتصدقون بها، كيف كانوا يتصدقون، كان تأثرهم من الأحاديث وهذه الكلمات التي تحث على الصدقة، تحملهم على فعل أمر عجيب حتى يدركوها، ماذا كانوا يفعلون؟ فقال الصحابي أمرنا بالصدقة، قال كنا نحامل، يعني يؤجر أحدنا نفسه عنده متاع ليحمله له، فإذا حمله له أخذ أجرة التحميل فتصدق بها، ما عنده دنانير، ماذا يفعل؟ يذهب يؤجر نفسه، فيحمل هذه الأحمال، يأخذ أجرة التحميل فيتصدق به، أناس تأثروا من هذه، هذه الأحاديث التي تدفع إلى الصدقة، ما عنده شيء.

 

هكذا كانوا يفعلون، وإن الصحابة الكرام حتى النساء كانوا يتأثرون، إذا خافوا أن تفوتهم الطاعة فيتأثرون، فعن جابر بن عبد الله قال، في الحديث الطويل في الحج، ثم أهللنا يوم التروية، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة عائشة رضى الله عنها، فوجدها تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم ما شأنك؟ قالت شأني أني قد حضت، وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن، وأنا لا أستطيع أن أذهب، أنا حائض، فإن هذا الحيض خوف فوات العبادة، خوف فوات موسم الحج، وهو موسم الفضل العظيم، والسيدة عائشة رضي الله عنها تبكي في بيتها، تخاف أن يفوتها هذا الموسم، فماذا تفعل؟ فقد حاضت ولا تعلم الحكم، فبكت، تأثرا خوفا من فوات الطاعة، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بكلمات المربي الذي يعالج الحرج في نفوس أتباعه، قال لها” إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج”

 

فقد أعطاها الحكم، وفرّج الهم الذي كان بها، فقد خافت السيدة عائشة رضى الله عنها، على فوات موسم الخير وفريضة الحج، ونقف أيضا عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاتب أصحابه على الخطأ فكانوا يتأثرون من المعاتبة أشد التأثر، لدرجة عظيمة، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، وهم قوم من الكفار، فأدركت رجلا، فلما رفع أسامة عليه السيف قال لا إله إلا الله، فطعنته، فهنا أسامة يظن أن الرجل قال لا إله إلا الله اتقاء السيف، فقال وماذا تنفع، فطعنه فقتله، فوقع في نفسي من ذلك، فكانوا إذا صار له أمر، شك أنه خطأ يأتي فورا، ويعاتب نفسه، إذا ظن أن في الأمر شيء، الناس اليوم تمر عليهم أمور متأكد من تحريمها، ولا يحدث في نفسهم شيء مطلقا، وقع في نفسه شيء، ربما أنه أخطأ، ماذا يعمل؟ إلى المرجع مباشرة.

 

 

وهكذا قال تعالى فى سورة النحل ” فاسأَلوا أَهل الذكر إِن كنتم لا تعلمون” فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال، قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح، قال ” أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها، أم لا، أقالها خوف السلاح أم لشيء آخر، فما زال يكرر ذلك” وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلته؟ قال نعم، قال فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة، فيقول أسامة يا رسول الله استغفر لي، قال فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة، فيقول أسامة يا رسول الله استغفر لي، فجعل لا يزيده على أن يقول فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة” فماذا حدث في هذا الموقف؟ لما عاتبه على خطئه وبخه صلى الله عليه وسلم توبيخا شديدا، وذكره بالحساب، ماذا تمنى الصحابي، ماذا قال؟ ما هي الكلمات التي عبر بها عن الحرج العظيم في نفسه؟

 

قال فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ، تمنيت أني ما دخلت في الإسلام إلا بعد هذه الجريمة لأن الإسلام يجب ما كان قبله، تمنيت أني ما أسلمت إلا في ذلك اليوم لأنه عظم عليه الإثم جدا، ولكن اليوم كثير من المجرمين يفعلون جرائم متعددة، وكبائر كبيرة جدا، ولو سمعوا وعظم ذلك عليهم وقرعوا على أفعالهم، وأقيمت عليهم الأدلة على شناعة ما فعلوا، ماذا يحدث لديهم من التأثر؟ وأي تأثر يحدث في نفوسهم؟ فهناك فرق كبير بين هذه النفسيات والناس نفوسهم اختلفت تماما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى