مقال

الدكروري يكتب عن الفرحة للأرواح المتعبة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الفرحة للأرواح المتعبة

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد طارده صلي الله عليه وسلم أقاربه وأرحامه وأصهاره، فما كان سبب المطاردة؟ لأنه يحمل مبدأ الإنقاذ، ولكن لماذا طورد؟ أمن أجل أنه أتى لينهب الأموال، ويسفك الدماء، ويحتل الأراضي، ويبتز المعطيات؟ لا والله إنما من أجل أنه أتى لينقذ البشرية، فجاء ليخرج الإنسان من الظلمات إلى النور، فإن مكة وكبراؤها اغلقوا الأبواب في وجه الابن البار، وأنذرته في خلال أربع وعشرين ساعة أن يغادرها، ولا يبقى في ساحتها، فقد ولد في ربوعها، وترعرع في تلالها، وشرب من ماءها، واستنشق من هواءها، وتقول له مكة في النهاية اخرج، ولكن إلى أين؟ لا ندري، وليتهم تركوه ليخرج سالما معافى، لكن يريدون أن يخرجون جثة، أو يحبسوه ويقيدوه بالحديد، أو ينفوه من الأرض فيقول تعالي في سورة الأنفال “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”

 

فإن مولد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو حدث عظيم، وما زال يهز الدنيا، فهو النور الذي أذن الله تعالي أن يشرق على الدنيا لينقذ البشرية من تيه الظلام الذي كانت تعيش فيه، وهو بشرى للقلوب الحائرة، وفرحة للأرواح المتعبة، إنه رحمة الله وهديته للعالمين، وولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد أطلّ صلى الله عليه وسلم بوجهه الكريم على الدنيا يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل وسمي بعام الفيل لوقوع حادثة الفيل المشهورة فيه، والتي قاد فيها أبرهة الحبشي بفيله العظيم جيشه الكبير لهدم الكعبة المشرفة، بيت الله الحرام فكان من أمرهم وما نزل بهم من العذاب ما قصّه الله تعالى في كتابه العزيز، وقيل أنه كان بمكة يهودي يقال له يوسف، فلما رأى النجوم تقذف وتتحرك ليلة ولد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

قال هذا نبي قد ولد في هذه الليلة لأنا نجد في كتبنا إنه إذا ولد آخر الأنبياء رُجمت الشياطين وحُجبوا عن السماء، فلما أصبح جاء إلى نادي قريش فقال هل وُلد فيكم الليلة مولود؟ قالوا قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن في هذه الليلة، فقال فأعرضوه عليّ، فمشوا إلى باب آمنة، فقالوا لها أخرجي ابنك، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينه وكشف عن كتفيه، فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات، فلما نظر إليه اليهودي وقع إلى الأرض مغشيا عليه، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه، فقال أتضحكون يا معشر قريش؟ هذا نبي السيف، ليبيرنكم، وذهبت النبوة عن بني إسرائيل إلى آخر الأبد، وتفرق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي، وولد نبي الرحمة والرسول الكريم وخاتم النبيين وأشرف المرسلين وأكرم الخلق أجمعين.

 

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر، فهو النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وينتهي نسبه الشريف إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام وكنيته أبو القاسم، وأبو إبراهيم، ولقبه المصطفى، وولد في صبيحة يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، الموافق للعشرين من شهر أبريل من سنة سبعمائة وإحدي وسبعين ميلادي، وأن رسول صلى الله عليه وسلم، كان أحسن الناس وأجمل الناس خَلقا وخُلقا، لم يصفه واصف قط إلا شبهه بالقمر ليلة البدر، ولقد كان يقول قائلهم لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول هو صلى الله عليه وسلم أحسن في أعيننا من القمر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها، وأنورهم لونا، يتلألأ تلألؤ الكوكب.

 

فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان، أى مضيئة مقمرة، وعليه حُلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلي القمر، فلهو عندي أحسن من القمر” رواه الترمذي، وقد وصفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه “أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام” وإن الهجرة انتهت وفاز بفضلها السابقون الأولون، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا هجرة بعد الفتح” ولكن يمكن للمسلمين اليوم تحصيل بعض معانيها، وتطبيق كثير من أوصافها، وذلك لأن الهجرة هي إحداث التغيير والانتقال في النفس والقلب والجوارح، ويدخل فيها هجران المنهيات والمنكرات إلى ما يحبه الله ورسوله من الصالحات والحسنات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى