مقال

الدكروري يكتب عن قضية الروح وقضية القلب 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قضية الروح وقضية القلب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أكبر نقطة ضعف فى هذه الحضارة التى نعيش فى ظلالها اليوم هى أنها جعلت كل ما يتعلق بقضية الروح وقضية القلب، وقضية الوجدان، وقضية المشاعر، جعلتها في المؤخرة بل لم تعطها أى اهتمام ولهذا أكبر نقطة ضعف فى هذه الحضارة هى أنها تهمل مسائل الروح إهمالا شبه كامل، لا فى المناهج المدرسية، ولا فى السياسات، ولا فى خطط التنمية، ولا فى الإعلام، ولا فى أى شيء، ومن الأدوات المؤثرة فى توجيه الناس وفى صياغة أفكارهم وصياغة حياتهم ليس فى أى شيء من هذه المجالات ومن هذه الأدوات، وليس هناك أى اهتمام بقضية الروح فنحن نعانى من مشكلة كبرى هى أننا نتعرض لتيار شهوانى جارف، فهو تيار مادى شهوانى يعطى كل شيء للدنيا ولا يعطى للآخرة إلا أقل القليل.

 

بل لا يعطى للآخرة شيئا بل يهدم ما يمكن أن يؤدى إلى إعمار قلب المسلم وروحه، وهذا التيار الذى نواجهه اليوم تنشره مجلات وتنشره فضائيات وتنشره شبكات الاتصال العالمية وتنشره أفلام وتنشره الكثير، فإنه يأتينا الآن من كل حد وصوب، ولا شك أن الناس لم يستسلموا لهذا الوضع وحاولوا قدر الإمكان أن يقاوموا، ولقد نشأت لدينا أفكار كثيرة، وألفت لدينا كتب كثيرة، وألقيت محاضرات فيه كثيرة من أجل مواجهة هذا التيار الشهوانى الذي يجتاح الآن كل شيء، فلم يترك مكانا لم يصل إليه بطريقة من الطرق ولكننا لا نستطيع أبدا أن نقاوم هذا التيار عن طريق إنتاج المزيد من الأفكار، فإن الفكر ضرورى وأساسى في حياة الناس وهو يرسم لنا خريطة العمل لكنه للأسف لا يستطيع أن يقاوم عنفوان الشهوة.

 

وجاذبية الشهوة فلا يستطيع أن يقاومهم، ولكن الفلسفة المعاصرة أحدثت انقلابا كبيرا في تحديد ماهية الكائن الإنساني، وشمل هذا الانقلاب تقييما لأبعاده المعرفية وقدراته العقلية، فهي لم تؤكد على التصورات الفلسفية السابقة للإنسان ولم تعطى الأبعاد العقلية أي اعتبار، بل على العكس قامت بتهميش هذا الجانب واعتباره مجرد قوى لا شعورية أوغريزية، ويعتبر نيتشه من أشهر الفلاسفة الذين اهتموا بإزالة العقل من موضوع التصورات الفلسفية للإنسان، حيث شكّل هذا الموضوع محور دراساته الفلسفيّة، وكان مدخلا لتحديد وتعريف الإنسان، فقد رأى نيتشه أن العقل هو غريزة كالغرائز الأخرى التي من شأنها أن تبقي الإنسان على قيد الحياة، وهذه هي وظيفته فقط لا غير.

 

وتم اعتبار الأبعاد الغريزية المكون الأساسي والمركزي للذات الإنسانية، وأن ماحصل في الثقافة الإنسانية من اضطرابات يرجع إلى تبديل وظيفة العقل، وتحميله مسؤولية كبيرة مثل الحقيقة والأخلاق، والإنسان في الوجودية الوجودية هي عبارة عن تيار فكري فلسفي ظهر في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويرجع اسمها إلى طبيعة اهتمام أعضائها بوجود الإنسان أو الوجود البشري، ويستخدم الوجوديون مصطلحات كثيرة يعبرون فيها عن الإنسان مثل ما هنالك، والوجود، والأنا والوجود لذاته، وتقوم فكرة الإنسان في الوجودية على أنه لايجوز اعتباره جزءا من فئة، وأنه لا أحد يحل محله، وأن لكل إنسان موقف وجودي خاص به، ويقوم مبدأ الوجودية على أن الإنسان له وجود قائم بحد ذاته.

 

وهو متفرد برأيه وغير موجه من أحد ويتحمل مسؤولية وجوده، وقد أثارت الوجودية انتقادا كبيرا لأنها دعت إلى التأمل وعدم إعطاء القيم الإنسانية أي قيمة، ورفضت قبول الإنسان للقيم الجاهزة حتى لو كانت عن طريق الوحي، ومن نظريات الوجودية نظرية سارتر، حيث تعتبر نظرية سارتر الوجودية إلحادية، أراد بها تضليل الناس، فادّعى أن الإنسان هو المسؤول عن وضع مقايس الحق والخير، وبذلك خالف جميع الفلاسفة المؤمنين، فقد أعطى الإنسان ما هو لله، مثل وضع مقايس الحق، والخير والجمال، بمعنى أنه أنكر الخالق وأسقط مسؤوليته، وأنكر الضمير الذاتي المثالي، ونظر إلى الإنسان على أنه شخص حر صانع لنفسه، وخالق لقيمه ومعاييره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى