مقال

الدكروري يكتب عن الركن الرابع من أركان الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الركن الرابع من أركان الإسلام

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

اعلموا يا عباد الله أن الدنيا ليست بدار بقاء ولا بدار خلود وإنما أنتم عما قليل منها تظعنون وما هي إلا أيام وعنها ترحلون ثم أنتم بين يدي ربكم تحاسبون فماذا أنتم يومئذ قائلون إذا أبدت لكم الصحف العيوب وشهد عليكم السمع والأبصار والجلود ، ويقول الله قال تعالى ” واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون” وإن الركن الرابع من أركان الإسلام وهو الصيام وفيه منافع وفوائد عظيمة، منها تقديم طاعة الله على طاعة النفس والهوى. إذ الصائم يمتثل أمر ربه بترك شهوات نفسه حيث ترك أعز شيء تطلبه نفسه وهو الطعام والشراب والتمتع بزوجته لما علم أن في ذلك رضى ربه.

 

والصائم أيضا يتربى بالصيام على الصبر والجلد والتحمل إذ يصبر على مس الجوع ولفح العطش، ولهذا سمي شهر رمضان شهر الصبر، ولا شك أن مقام الصبر مقام عظيم في الإسلام قد جاءت آيات كثيرة في كتاب الله تنوه بشأنه وتنثني على أهله، وهو يحصل بالصيام، وفي الصيام أيضا تهذيب للنفس وكف للإنسان عن أذى الآخرين بقول أو فعل فإن الصائم منهي عن أن يتناول الآخرين بما يسيء إليهم من غيبة أو نميمة أو شتم، حتى ولو تطاول عليه أحد بالكلام فإنه لا ينبغي له أن يرد عليه بالمثل، ففي الحديث “فإن سابَّه أحد فليقل إني صائم” وفي الصيام أيضا تذكير بنعمة الله على الصائم بما يسر له من الطعام والشراب.

 

حيث يدرك مشقة الابتعاد عن تناولهما عند الحاجة إليهما وشدة حاجته إليهما لبقاء حياته، وفي الصيام أيضا تذكير للصائم بحاجة الفقراء والمساكين الذين لا يجدون ما يأكلون عند الحاجة فيعطف عليهم، كما أن في الصيام أيضا كبحا لجماح النفس سدا لمنافذ الشيطان في الإنسان فإن الشبع وتمكين النفس من شهواتها مما يدعو إلى الأشر والبطر، فقال تعالى فى سورة العلق ” كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى” وفي الصيام أسرار عجيبة وخيرات كثيرة يمكننا أن نستنبطها من قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فهو سبب للتقوى التي علق الله عليها كل خير ووصف أهلها بكل بر.

 

وقال النبي صلى الله عليه و سلم قال ” من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ” فقالت السيدة عائشة أو بعض أزواجه إنا لنكره الموت قال ليس ذاك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه كره لقاء الله وكره الله لقاءه ” رواه البخاري، وكان أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام يسألون ربهم هذا الأمر ويذكرونه ويحبونه، ففي أخبار داود عليه السلام “إن الله تعالى قال يا داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب لمن أحبني، وجليس لمن جالسني،

 

ومؤنس لمن أنس بذكري وصاحب لمن صاحبني، ومختار لمن اختارني، ومطيع لمن أطاعني، ما أحبني عبد أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي وأحببته حبا لا يتقدمه أحد من خلقي، من طلبني بالحق وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني، فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها، وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي وائنسوا بي أؤانسكم وأسارع إلى محبتكم، فإني خلقت طينة أحبائي من طينة إبراهيم خليلي وموسى نجيي ومحمد صفيي، وخلقت قلوب المشتاقين من نوري ونعمتها بجلالي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى