مقال

الدكروري يكتب عن زرع الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن زرع الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إننا نحتاج إلى أن نربي إنسانا بمعنى الكلمة نحتاج إلى زرع إنسان يبقى أثره مئات السنين كما قال أحدهم إذا أدرت أن تزرع لسنة فازرع قمحا وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانا، فيجب أن لا تفقدوا الأمل في الإنسانية لأنها محيط، وإذا ما كانت بضع قطرات من المحيط قذرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذرا، فإننا نحتاج إلى إنسانية في التعامل مع الكبير وإنسانية في التعامل مع المذنب، وإنسانية في التعامل مع المخطئ، وإنسانية في التعامل مع الحيوانات وإنسانية في التعامل مع النساء وإنسانية في التعامل مع غير المسلمين وإنسانية في تعامل الطبيب مع المرضى.

 

وإنسانية في تعامل رب العمل مع عماله وإنسانيه في تعامل الموظفين والمسئولين والإداريين مع الجماهير وقضاء حوائجهم وإنسانية في التعامل مع جميع فئات المجتمع مع اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم وأشكالهم وألوانهم ووظائفهم وأحوالهم، فإننا نحتاج أن نجسد الإنسانية من خلال شخصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الآخرين ونسقطها على أرض الواقع فهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا وأسوتنا، ألا ما أحوج البشرية إلى هذه المعاني الإسلامية السامية، وما أشد افتقار الناس إلى التخلق بخلق الإنسانية التي تضمّد جراح المنكوبين، والتي تواسي المستضعفين المغلوبين، ولا سيما في هذا العصر.

 

الذي فقدت فيه الإنسانية من أكثر الخلق، فلا يسمع في هذا العصر لصرخات الأطفال، ولا لأنين الثكلى، ولا لحنين الشيوخ، ولا لكلمة الضعفاء، لا يسمع فيه إلا للغة القوة، ومنطق القدرة، فإذا استحكم الظلام في النفوس، وطغى طوفان المادة الجافة آذنت الإنسانية بالرحيل، كما قال قائلهم إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، وإن لم تجهل يُجهل عليك، وإن لم تتغد بزيد تعشّى بك، فعليكم بالإنسانية والرفق واللين والرحمة بجميع فئات المجتمع، الآباء والصبيان والأرامل والعجزة والأجراء وغير ذلك مما ذكرنا، فإننا إن فعلنا ذلك تحقق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي” رواه مسلم.

 

فيا أيها الأب الكريم، إن أولادك مرآة يعكسون أخلاقك وأعمالك، فإن رأوك تعظم الله وتخافه عظموا الله عز وجل، إن رأوك تخشى الله وتتقيه خشوا الله واتقوه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوك ذا محافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها، إن رأوك على هذه الصفة تأسوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظما لأبيك وأمك فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوى التقى والصلاح بعيدا عن أهل الإجرام والإفساد نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبة وألفاظا حسنة كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السباب واللعان والقبح والفحش فى الأقوال سمعت منهم مثل ذلك وأشد، فيا أيها الأب الكريم.

 

لا بد من عظة للأبناء ونصيحة لهم، ورسم الطريق الصالح ليسلكوه، وأن الأب ليس مجرد صندوق مالي يحصل من خلاله الأبناء على الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية، فالرجل لا يقتصر دوره على توفير النفقات فقط، وإنما يظل هو القدوة والنموذج الذي يحتذى فى البيت والحياة عموما، لذلك فهو له دور كبير في تنشئة وتوجيه الأبناء وإرشادهم، خاصة فى مراحل حياتهم الأولى، وأن عاطفة الأبوة ضرورية وإن اختلفت طبيعة العاطفة بين الطرفين الأب والأم بحكم التكوين الجسدى والنفسى للرجل الذي غالبا مايكون عقلانيا في التعامل مع أبنائه أكثر من المرأة التي تسيطر عليها العاطفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى