مقال

الدكروري يكتب عن وقفة مع فضل الصيام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وقفة مع فضل الصيام
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الصيام ومما روى في فضل الصيام عن سعيد بن أوس الأنصارى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة” رواه الطبرانى فى الكبير وضعفه الألبانى، وهكذا فإن الصوم عبادة من أجلّ العبادات، وقربة من أشرف القربات، و طاعة مباركة، لها آثارها العظيمة والكثيرة، والعاجلة والآجلة.

من تزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وحفظ الجوارح من الفتن والشرور، وتهذيب الأخلاق، وفيها من الإعانة على تحصيل الأجور العظيمة، وتكفير السيئات المهلكة، والفوز بأعلى الدرجات، وإن التكاليف الشرعية شاقة على الأبدان، مفرحة للنفوس وهذه القاعدة تنطبق على كل العبادات، بل على كل الطاعات، بل على كل استجابة لله، والعبادات ذات كلفة، سميت تكاليف لأنها في الأصل تتناقض مع الطبع، فالإنسان يحب أن يبقى نائما، والتكليف أن يستيقظ، ويحب أن يمتع عينيه بمحاسن النساء، والتكليف أن يغض البصر، ويحب أن يخوض فى فضائح الناس، والتكليف أن يسكت، ويحب أن يأخذ المال، والتكليف أن ينفقه، فالتكاليف كلها مناقضة للطبع، لكنها مطابقة للفطرة، فترتاح نفسك إذا أديت الفرائض.

وترتاح نفسك إذا كنت صادقا، وترتاح نفسك إذا كنت أمينا، ترتاح نفسك إذا أعنت أخاك، وإذا رحمته، وإذا يسرت عليه، فكل أوامر الدين بعباداته ومعاملاته وفضائله إن طبقتها ارتاحت نفسك، فقال تعالى كما جاء فى سورة الروم ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها” أى هذا المنهج الإلهى يتطابق بأدق تفاصيله مع بنية النفس، فإن التكاليف تتناقض مع جسم الإنسان، مع طبعه، مع غرائزه، مع شهواته، لكنها تتوافق مع نفسه، ذاته التي بين جنبيه، إذن الطاعات فيها مشقة أحيانا، فيها تكليف، فيها تناقض مع جسم الإنسان، إن الطاعات تنقضى مشقتها، ويبقى أجرها، وإن المعاصى تنقضى لذتها، و يبقى إثمها فالبطل ليس الذى يفرح أولا، بل الذى يفرح آخرا، فليست البطولة أن تضحك أولا.

وقد قيل من ضحك أولا ضحك قليلا، و من ضحك آخرا ضحك كثيرا، كما قال تعالى فى يورة المطففين” فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون” فإن بطولتك أن تضحك آخرا لا أن تضحك أولا، فإن الطفل حينما يولد كل من حوله يضحك، و هو يبكى وحده، أما إذا وافته المنية كل من حوله يبكى، فإذا كان بطلا ومؤمنا وملتزما ومستقيما ومحسنا ضحك وحده، فيقول تعالى كما جاء فى سورة يس ” قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومى يعلمون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى