مقال

الدكروري يكتب عن الحسنه بعد الحسنه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحسنه بعد الحسنه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من علامات قبول العمل هو الحسنه بعد الحسنه، فإتيان المسلمون بعد رمضان بالطاعات, والقربات والمحافظة عليها دليل على رضى الله عن العبد، وإذا رضى الله عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية، وكذلك انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان, والفرح بتقديم الخير, حيث أن المؤمن هو الذي تسره حسنته وتسوءه سيئته، وأيضا التوبة من الذنوب الماضية من أعظم العلامات الدالة على رضى الله تعالى، والخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم، وكذلك الغيرة للدين والغضب إذا أنتهكت حرمات الله والعمل للإسلام بحرارة , وبذل الجهد والمال في الدعوة إلى الله، وإياكم والعجب والغرور بعد رمضان.

ربما حدثتكم أنفسكم أن لديكم رصيد كبير من الحسنات، أو أن ذنوبكم قد غفرت فرجعتم كيوم ولدتكم أمهاتكم، فما زال الشيطان يغريكم والنفس تلهيكم حتى تكثروا من المعاصي والذنوب، وربما تعجبكم أنفسكم فيما قدمتموه خلال رمضان، فإياكم ثم إياكم والإدلال على الله بالعمل، فإن الله عز وجل يقول ” ولا تمنن تستكثر” فلا تمُنّ على الله بما قدمتم وعملتم، ألم تسمعوا قول الله تعالى كما جاء فى سورة الزمر” وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يختسبون” فاحذروا من مفسدات العمل الخفية من النفاق والرياء والعجب، فإن الثبات بعد رمضان يجدر بالمسلم الحرص على الثبات لما قدمه من أعمال، وعبادات، وقربات في شهر رمضان المبارك اقتداء في ذلك بالنبى صلى الله عليه وسلم إذ كان حريصا على أداء الأعمال الصالحة دائما.

وإن من الأعمال الصالحة هي الزكاة، وإن الزكاة تعني الطهارة والنماء والبركة، فيقول ابن قتيبة رحمه الله تعالى الزكاة من الزكاء والنماء والزيادة، سميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه، ويقال زكا الزرع إذا كثر ريعه، وزكت النفقة إذا بورك فيها، ومن عجيب التشريع الرباني أن الزكاة أخذ، والأخذ في الأصل نقص من المال، وهذا هو المستقر عند البشر، ولذلك يشح أكثرهم ببذل المال خوفا من نقصه، ولكن الشارع الحكيم أخبرنا أن الزكاة وإن كانت إخراج جزء من المال فهي طهارة ونماء للمال، على عكس ما هو مستقر عند البشر، وقد تواردت النصوص على هذا المعنى العظيم الذي لا يدركه أكثر الناس، فيقول الله تعالى فى سورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقه تطهرهم وتزكيهم بها”

والتطهير والتزكية من أعظم مطلوبات أصحاب النفوس السامية، والهمم السامقة، وتطهير الزكاة عام يشمل المزكي، وآخذ الزكاة، والمال المزكى، والمجتمع بأسره، أما المزكي فتطهره الزكاة من البخل والشح والأثرة والأنانية كما تطهره من عبودية المال، وكم من صاحب مال يملكه المال ويُسيّره حتى يكون عبدا له، فاللهم لك الحمد على أن بلغتنا شهر رمضان، واللهم تقبل منا الصيام والقيام، وأحسن لنا الختام، واللهم اجبر كسرنا على فراق شهرنا، وأعده علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة، واجعله شاهدا لنا لا علينا، اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من النار، واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين، فاللهم تقبل أعمالنا واغفر لنا واكتبنا من عبادك الصالحين فى يوم الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى