مقال

آداب الصدقات والطيبات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن آداب الصدقات والطيبات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، لقد جاءه عمر بن الخطاب بعد غزوة أحد وقال للنبي صلي الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد دعا نبي الله نوح على قومه فقال ” رب لا تزر علي الأرض من الكافرين ديارا” ولو دعوت علينا بمثلها لهلكنا عن آخرنا، فلقد وُطئ ظهرك، وأُدمي وجهك، وكسرت رباعيتك، فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت ” اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” وكما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلمهم العفو عند المقدرة وتجلى ذلك منه عمليا يوم الفتح، يوم أن دخل صلي الله عليه وسلم مكة ظافرا منتصرا يكاد رأسه صلي الله عليه وسلم يمس سرج فرسه من الخضوع، يوم أن دخلها في خضوع المؤمنين لا في صلف الجبارين و المتعنتين.

 

وقد اجتمع حوله صلي الله عليه وسلم أقطاب قريش وصناديدهم ينظرون ما هو فاعل بهم، تصطك مفاصلهم، وترتجف قلوبهم من هول ما ينظرون جريا على عادة الفاتحين المتغلبين، يومئذ قال صلي الله عليه وسلم لهم ” يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال صلي الله عليه وسلم اذهبوا فأنتم الطلقاء” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، أما بعد ولنعلم جميعا أن من آداب الصدقة هو أن يتحرى بصدقته المحتاجين حقا، ولا يعطيها لمن لا يعرف، فالزكاة الواجبة لا تصح إلا لأهلها، وقد بيّن الله تعالى أصناف المستحقين للزكاة فقال تعالى فى سورة التوبة ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها وفى الرقاب والعارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”

 

ومن آداب الصدقة هو تقديم ذوى الرحم إن كانوا من ذوى الحاجة، ولا يوجد من يصلهم بالمال، فحقهم أعظم من حق غيرهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” الصدقة على المسكين صدقة، وهى على ذى رحم ثنتان صدقه وصلة” رواه الترمذي والنسائي، وكلما زادت درجة القرابة كلما زاد أجر المتصدق على صدقته، ومن آداب الصدقة هو عدم الرجوع فيها، فلا يجوز استردادها ممن أخذها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” مثل الذى يتصدق بصدقه ثم يعود فى صدقته، كمثل الكلب يقئ ثم يأكل قيأه” ومن الآداب أيضا أن يقدم الجيد من المال في الصدقة، ولا يقدم الرديء من الطعام، أو الخبيث من المال في الصدقة، وإن استطاع أن يتصدق بشيء مما يحبه من مال، وطعام، ولباس، ونحوه، فله أعظم الأجر من الله تعالى.

 

ومن الآداب أيضا أن يرى المتصدق حال صدقته نعمةَ الله عليه إذ أغناه، ولم يحوجه إلى أخذ الصدقة بل جعل يده هي العليا، وجعله هو المعطي، لا الآخذ، وهي نعمة عظيمة تستوجب الاجتهاد في شكرها بطاعة الله تعالى، والإكثار من الصدقة، والعطف على الفقراء والمساكين، وذوي الحاجات، ومن آداب الصدقة أن يخرج المال طيبة به نفسه، فلا يكون كارها لذلك، فمن صفات المنافقين أنهم ” لا ينفقون إلا وهم كارهون” وأما المؤمنون فقد أثنى الله عز وجل عليهم، بأن “أعينهم تفيض دمعا حزنا ألا يجدوا ما ينفقون” ومن آداب الصدقة أن تكون في وقت السعة، والصحة والعافية، والشباب، والحاجة، والخوف من الفقر.

 

وإن من الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهو صنف من يقول “إني أخاف الله” حين تدعوه امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، وكذلك المرأة العفيفة التي تقول “إني أخاف الله” حين يدعوها الرجال بمغريات المال والجاه والشباب، فيتخلصان من فتنة الشهوات بما عندهما من إيمان راسخ، وخوف من رب لا يضيع عنده أجر المحسنين، وأيضا من أولئك السبعة السعداء الأبرار، وهو رجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” فانظر إلى الأعمال الصالحة، كيف تكون ظلا لصاحبها يوم القيامة؟ كما قال أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه” الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، فأعمالهم تظلهم أو تضحيهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى