مقال

لا شفاعة لمسؤول كلهم مذنبون

جريدة الاضواء

لا شفاعة لمسؤول كلهم مذنبون
بقلم / يوسف المقوسي

كل ما عشت من أجله كان جميلاً ونبيلاً وإنسانياً. لم أكن أبداً على الشرفة متفرجاً أو متأملاً، كما لم أكن سائحاً. إنغمست بالأمل في كل الأمكنة والقضايا حتى عتبة الشيخوخة.. لم أكن ادرك أن كل ما حلمت به وحملته في عقلي وقلبي، وكل ما تمنيته إدماناً على التفاؤل، قد خسرته مراراً وبات هباءً ولا يستحق الندم. ها أنذا أعتصر زمني بين يدي. ها أنذا أعلن ركامي. أخطأت وأستحق عقوبة تفاؤلي. خياراتي الخرافية، بالحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم، تستحق الشفقة. أفدحها، لا وطن لي خلفي ركام شاهق من الفشل وأمامي عماء.
ما كنت سأكونه، لم أكنه ابداً. أمة من دخان وركام أمة عن بكرة أبيها، شعوب من سلالات عريقة، بعثرتها نضالات غلط وآلام مجانية ودماء ركامية قضايا مستحقة لكل أمة، كلها، كانت ضحية كفاح بلا أفق. كفاح خاضته بطريقة الإرتجال والمزايدة. تطلق النار على العدو، ولا تصيب إلا الإخوة الأعداء. زاغت طلقاتها عن الأعداء الحقيقيين، أعداء الخارج والداخل. إنها خسائرنا، نحن أنجبناها. فكرنا الهش أبوها، ويومياتنا الدامية روزنامة تراجعاتنا. لذلك؛ تجرأ وتشاءم. نعم، تجرأ واحكم على نفسك بالفشل المتعمد. العدو، أو الأعداء، لكنت تكون كفيلاً بهم، لو لم تكن معتلاً فكراً وعقيدة وديناً، ولو لم تكن مستأسداً على شقيقك الذي يشبهك، كما هو مفترض. غلَّبت الإنتقام الداخلي على الصراع من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة والعيش بعرق الجبين.
لقد عانينا من إحتلالين باهظين: إحتلال خارجي بصفوف مرصوصة، وإحتلال داخلي بقوى وصفوف متعادية. كنا نستحق الخسائر، لا شفاعة لأحد. كلهم مذنبون ومتخلفون إن لم نقل خونة على الأرجح. كأننا ولدنا خطأ، عمداً، أو عن سابق تصور وتصميم. رحم زنى سياسي، دولي ومحلي. منذ ولادتنا، ولدنا أعداء حقيقيين. أخوة أعداء كنا، وأكملنا عهرنا السياسي. عوض أن نطلب المواطنة الكاملة، وهي حق مشروع وشرعي، تبرعنا وإجتهدنا وأسرعنا إلى الحضن التنظيمي، الحضن المذهبي، الحضن العرفي، الحضن العشائري. تفوقنا في العداء. كالأخوة الأعداء صرنا، كما صار بعضنا أصدقاء العدو .

تجرأ أكثر واستعمل اللعنات. كن سخياً بها ولا تخجل. لا نملك نحن العراة. سوى قبضاتنا في الهواء ولساننا في العواء. تجرأ واشتم. هذا حظك الباقي في النضال. علماً أن الشتائم في فلسطين ، يتلقاها المسؤولون، كأنها مدائح. لا يردون. بلطوا البحر. قولوا ما تشاؤون وسنعمل ما نشاء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى