مقال

بداية الوقوع في المخالفة من أبو البشر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن بداية الوقوع في المخالفة من أبو البشر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 6 ديسمبر

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا ورسولنا محمدا عليه الصلاة وأتم التسليم، أما بعد لقد كان الأكل من الشجرة المنهي عنها هو بداية الوقوع في المخالفة من أبو البشر آدم عليه السلام وأم البشر حواء، وإشارة إلى ارتكاب الخطأ، وأن هالة النور الساترة قد زالت بفعل ما ارتكباه من خطأ وعصيان للأمر الإلهي، وكان بالقرب منهما شجرة تين فطفقا يقطعان من ورقها لكبره، ويستتران به أي يلصقانه فوق العورة،” وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة” عن الأكل منها، وعدم الاقتراب منها حتى لا تقعا في المحظور، وفوق هذا حذرهما من الشيطان ومكره وكيده، وأنه مسلط عليهما، ولا يعصمهما منه إلا الالتجاء إلى الله باتباع ما أمر.

والبعد عما نهى عنه، وهكذا خرج آدم وزوجه من الجنة بسبب الشهوة والنسيان، وإغواء الشيطان، ليعيشا في دار الكدح والعمل والامتحان، تتنازعه الأهواء والشهوات، ونوازع الخير ونوازع الشر، فأمامه طريقان ” وهاديناه النجدين” فيحيا في صراع حقيقي لا هوادة فيه إلى أن ينتهي صراعه بالموت، فتغيرت الدار، فلم يعد كل شيء ميسرا لخدمة آدم بلا كدح أو تعب، فلا بد من العمل وبذل الجهد لتحصيل الرزق، واستمرار الحياة، وبدأت مسيرة الإنسان فوق الأرض بآدم وحواء، وولدت حواء البنين والبنات، ولقد كان ابتداء خلق آدم عليه السلام لم يكن على الأرض، وإنما كان في الجنة، ففي الحديث الشريف الذي يرويه الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“لما صوّر الله آدم في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف، عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك” أما طينته فهي من الأرض، وكما ورد أنها ليست من مكان واحد فتنوعت لذلك أشكال ذرية آدم، وآدم هو أبو البشر، ولا يوجد آدم غيره فهو أول من سكن الأرض من البشر، وهؤلاء الناس ينتسبون له، ويروي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال ” أنا سيد القوم يوم القيامة، هل تدرون يوم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيقول بعض الناس أبوكم آدم، فيأتونه، فيقولون يا آدم، أنت أبو البشر، خلَقك الله بيده.

ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي” ومن حديث طويل عند البخاري ومسلم أن المؤمنين يدخلون الجنة على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء، فهذا صريح أن آدم هو أبو البشر فالجنة التي عاش فيها آدم وحواء التي خلقها الله من ضلعه هي الجنة الحقيقية التي وُعد بها المتقون ليحيوا فيها حياة السعادة الأبدية، وهي دار الخلود، وليست جنة في الأرض، أو على ربوة في الأرض لأنه لا توجد على الأرض جنة بهذه المواصفات، ولكن هل مُتع آدم وزوجه بكل الجنة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى