مقال

نفحات إيمانية ومع عظمة الحديث النبوى الشريف ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع عظمة الحديث النبوى الشريف ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع عظمة الحديث النبوى الشريف، أما عند النظر إلى السنة إفرادا وتفصيلا، فإننا لا نقطع بصحة نسبة حديث معين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان متواترا، فإذا لم يكن متواترا لم نقطع بصحة نسبته، وأمكن حينئذ أن يصل الظن إلى ما يترجح معه وروده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى ما لا يترجح معه ذلك، وذلك ما يكون نتيجة للبحث والنظر في حال السند والمتن، بمراعاة القواعد والضوابط التي أرشد إليها علماء الحديث، وثبتتها القواعد العلمية المتعلقة بنقل الأخبار وصحتها، فإذا ما انتهى باحث من بحثه في حال حديث إلى ترجيح وروده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلب ذلك على ظنه، وسلم مع ذلك من النسخ في ظنه.

 

فقد وجب عليه العمل به، إذ إن وجوب العمل شرعا منوط بالظن لا بالقطع، فذلك ما قام عليه الدليل القطعي، كما هو مبين في موضعه، وإذا ما انتهى بحثه إلى خلاف ذلك لم يجب عليه العمل به، وإن وجب على غيره ممن نظر وبحث فانتهى إلى غير ما انتهى إليه هذا الباحث من ترجيح صدوره عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعدم ورود المعارض له، وكثيرا ما رأينا أن من الأئمة من لم يعمل ببعض ما رواه من الحديث، إما لظن نسخه وإما للشك في صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما نرى غيرهم من الأئمة قد عمل به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لبعض أصحابه وقعوا في مخالفة سنته “فمن رغب عن سنتي فليس مني”

 

فإن السنة النبوية هى شاملة لكل خير وهدى، فما من خير إلا ودلنا عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وما من شر إلا وحذرنا منه صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم” وقد جاء يهودي إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقال له ” قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال أجل” أي بمعنى ما ترك نبيكم شيئا إلا علمكم إياه، حتى كيفية الاستنجاء، وطريقة الاستبراء، من النجاسة علمكم إياها، وهذا من كمال ديننا، ولم يكمل ديننا إلا بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

ولهذا يجب على كل مسلم أن يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يعظمها كل تعظيم، وأن يؤمن ويصدق بما جاء فيها من أحكام وأخبار، وأن لا يفهمها بهواه، وإنما يفهمها على مرادها الصحيح، كما فهمها سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، وأن يجعل عقله تبعا لما جاء فيها، وإن قصر عقله عن فهمها، وليحذر كل الحذر من ردها ورد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، الصحيحة، وعلى المسلم أيضا أن يلتزم طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات كلها لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بالله تعالى وبعبادته، وهو أخشى الناس لله، وأتقاهم له، فالذي يريد أن يعبد الله على طريقته الخاصة، دون متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

أو أن يخترع عبادة جديدة مخالفة لهديه، فعبادته باطلة، ومردودة لا يقبلها الله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم “من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد” أي بمعنى ليس من طريقتنا وهدينا، فهو رد، فلا يقبل، ولا يصلح قول، ولا عمل، ولا علم، ولا نية، إلا بموافقة السنة، وإن كل الطرق المؤدية إلى رضوان الله تعالى مسدودة على الخلق، إلا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا أمرنا الله وتعبدنا بمتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ” أي بمعنى قل إن كنتم تحبون الله وتريدون عبادته ورضوانه فاتبعوا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى