دين ودنيا

الدكروري يكتب عن المخلصين من عباد الرحمن

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 1 يناير

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد يقول عز وجل في وصف الخلص من عباده كما جاء فى سورة المؤمنون ” أولئك يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون”إنها النفوس التي جُبلت على البر والصلاح، وطبعت على الجميل والإصلاح، تهفو إلى الخير وتسر بإدراكه ووقوعه، وتأسى للشر وتحزن لرتوعه، شهم على التقوى مضت أيامه، وجميل فعل الخير والإحسان، أليس البر مجمع السرور، وخاضض الفتن والشرور، يُبلغ من الأمجاد قاصيتها، ومن المحامد ناصيتها فلا يصدر إلا عن أريحى كريم.

شهم ندب رحيم، تسامى إلى ذرى العاطفة الجياشة المشفقة، والنفس الوجلة المغدقة، ومما يرفو في الأفئدة ما رث من قميء التقاعس ونهج، ويُلهب فيها أسمى الخيول الموشّاة بالبلج قول أم المؤمنين رضي الله عنها ذات الحنان والرّجحان لسيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم”كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخارى، وكما ينصحك بذلك نبيك صلى الله عليه وسلم، واترك كتابة الأجر وتقدير الفضل لربك الكريم سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل” ومن فعل الخيرات، ذهابك الى المسجد.

ومن فعل الخيرات، الإحسان إلى الإنسان، والإحسان حتى إلى الحيوان، فإن الله لا يضع أجر من أحسن عملا، فقد تقدم خيرا وإحسانا إلى إنسان أو حيوان فيكون سببا في أن يحلّ عليك رضوان الله عز وجل، فقد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، فأنت تغرس شجرات حول بيتك، أو تزرع زرعا في أرضك، فتذكر أن هذا من فعل الخيرات، واعلموا يرحمكم الله أن البدن يخاصم الروح، فقال ابن كثير وقد روى ابن منده فى كتاب الروح عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال يختصم الناس يوم القيامة حتى تختصم الروح من الجسد فتقول الروح للجسد انت فعلت، ويقول الجسد للروح انت امرك وانت سؤلت، فيبعث الله ملكا يفصل بينهما فبقول لهما ان مثلكما كمثل رجل مقعد بصير.

والاخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير انى ارى هاهنا ثمارا ولكن لا اصل اليها، فقال له الضرير اركبنى فتناولها فركبه فتناولها فايهنا المعتدى ؟ فيقولان كلاهما، فيقول لهما الملك فانكما قد حكمتما على انفسكما يعنى ان الجسد والروح كالمطية وهو راكبه، وقد أرسل الله تعالي الرسل مبشرين ومنذرين، مبشرين لمن أطاع الله وحده ولم يشرك به شيئا، وأطاعه بفعل أوامره وترك نواهيه بأن له جنة عرضها السماوات والأراضين، وسيندم العصاة على ما سلف من المعاصي والذنوب، بل وسيندم أهل الطاعات ويتمنون أن لو زادوا في الأعمال الصالحة والقربات، وسيؤتى بجهنم وسيندم كل جبار عنيد، فإذا جاءت بأمر الله تبارك وتعالى جاءت بالهول الأكبر، والفرغ الأعظم.

سيخرج من نفسها وهج شديد، ويُسمع من جوفها دوي سلاسل وحديد، ويسمع الخلائق الشهيق ويرون الحريق، فإذا نظرت في أهل المعاصي ثارت وفارت وتفلتت من الملائكة الذين يسحبونها تنادي وتقول غاضبة لغضب ربها وإلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وكلهم ينادي نفسي نفسي لا أسألك غيرها نفسي نفسي لا أسألك غيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى