مقال

الجرأة والحياء بين الأبناء

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الجرأة والحياء بين الأبناء
بقلم / محمـــد الدكــروري
اليوم : السبت الموافق 6 يناير 2024

الحمد لله في الأولى فقد نامت عيون الخلائق وما غفل، وله الحمد في الآخرة إذا زاغت الأبصار، أسرف الناس في كل مكان فما أهلك وما عجل، عبدوا المال فأطغاهم، ونسوا الموت فغرهم الأمل، ولو شاء ربك لجفت الأنهار وما أصاب النبات بلل، نحمده تبارك وتعالى ونستعينه على كل أمر جلل، ونستغفره لمن تاب منا ومن في المعاصي لم يزل، ونرجوه رحمة تعمّنا ولا نطمع في سواها بدل، ونسأله العافية فيما هو آت، والعفو عما قد حصل، وأشهد أن لا إله إلا الله ملك فحكم فعدل، قدر الأمور من الأزل، فلحكمة لم يفعل ولحكمة فعل، فأخبرني عن الأرض كيف بخلت، ولماذا اسودّ الجبل؟ وخبرني عن البهائم كيف كلَّت، ولماذا أكل الذئب الحمل؟ وأخبرني عن القرون لم اندثرت؟ ولماذا كتب على المترفين الزلل؟

وخبرني عن الأقدام إن زلَّت أبكلمة جوفاء يتحقق الأمل؟ وأخبرني عن البريئة كيف ضلت وذنب الأم إذا أصابها الخبل؟ وخبرني عن المعاصي إذا تفشّت فهل يخرج من النحل العسل؟ وأخبرني عن عقل الحكيم إذا تشتت وعن العابد كيف أصابه الملل؟ وخبرني عن ألسنة الحق كيف شُلَّت فطاف الباطل يزهو بغير خجل؟ وأخبرني عن الخطوب إذا ادلهمت ورأيت الفساد قد جاء على عجل؟ وخبرني عن أمة عريقة قد ضلت، فهل دعاء الصالحين يصلح الخلل؟ كلا إذا ما القلوب بالزيغ قد ابتليت فلا بأس بالموت إذا حان الأجل، وأشهد أن سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ثم أما بعد لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء من العذراء في خدرها ويقولون الولد ما يصبح رجل إلا إذا كان جريئا.

فتجده يترك الولد يتكلم أمام من هو أكبر منه سنا وتجد الولد يتكلم حتى بقبائح الأمور فيتبسم الوالد ويقول هكذا الابن وإلا فلا، لا والله لا ينشأ الابن على السوء فيكون كاملا مهما كان ولو كانت الناس تظن أن هذا كمال فإنه نقص، ولذلك لما جاء حويصه يتكلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم “كبر كبر” فعلمه الأدب وهو كبير فقال له “كبر كبر” فإذا جلس بين الكبار لا يتكلم وإنما يكف لسانه ويجلس حييا مستحيا بالحياء الذي يتجمل به أمام عباد الله عز وجل، أما أن يعود الجرأة على الكلام والجرأة على الحديث فهذا مما لا تحمد عقباه، فإذا تعود الجرأة من صغره ألفها في كبره، لكن يعود الحياء ويعود السكوت والإنصات لكبار السن ولا يتكلم بحضرتهم إلا بقدر فإذا كبر وعقل الأمور تكلم عند موجب الكلام وصدر عن انضباط وحفظ لسانه.

لأنه أعتاد ذلك وألفه وربى عليه، وهذه بالنسبة للأمور الدنيوية أنه يعود على أجمل ما يكون عليه من الكلام الطيب والعبارات الطيبه، فإذا خاطب من هو أكبر منه أمر بأن يخاطبه بالإجلال والإكبار والتقدير فلا يرضى الوالد لولده أن يخاطب كبير السن أمامه باسمه وإنما يقول له خاطبه بياعم أو نحو ذلك من الكلمات التي فيها إجلال وتوقير حتى ينشأ الصغير علي توقير الكبير وتلك سنة الإسلام حيث قال صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولا يرحم صغيرنا” فلابد من تعويد الابن على توقير الكبير واحترامه وتقديره وإجلاله، وإذا وفق الله عز وجل الوالدين لحب التربية تربية الولد التربية الصالحة فليعلما أن ذلك لا يكون إلا بأمور مهمة، فإذا أراد الوالد والوالدة أن يقوما على تربية الولد فعليهم بإتباع هدي النبي صلي الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى