مقال

رسول الله ينادي بحج البيت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رسول الله ينادي بحج البيت
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 23 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه أذن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الناس بالحج لست سنوات من هجرته إلى المدينة، فلما قرب من مكة خرجت فرسان قريش تلقاه لتصده عن دخولها فقد أقسمت لا يدخلها محمد عليهم عنوة، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما جاء حاجّا ولم يجئ غازيا لذلك نزل الحديبية في أصحابه وعزم أن يفاوض قريشا لتفسح لهم طريق الطواف بالبيت وأداء فريضة الحج، ودعا إليه عمر بن الخطاب ليدخل مكة فيتحدث إلى قريش فيما جاء له، قال عمر يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني.

وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان ودخل عثمان مكة، وطال حديثه مع قريش واحتباسه عن المسلمين حتى ظنوا أنه قُتل، وبايع رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه بيعة الرضوان لقتال قريش أن قتلوا عثمان رضي الله عنه، على أن عثمان عاد يذكر أن قريشا تأبى على المسلمين أن يدخلوا مكة هذا العام حفظا لهيبتها بين العرب، لكنها لا تأبى المفاوضة للخروج من موقف الخصومة بعد أن أيقنت أن محمدا جاء حاجّا ولم يجئ غازيا، واتصل الحديث بين الفريقين ابتغاء التعاهد والصلح، ولقد ضاق عمر صدرا بما كان النبي صلي الله عليه وسلم يقبله في هذه المحادثات، حتى لقد وثب فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر أليس برسول الله صلي الله عليه وسلم ؟

قال أبو بكر بلى، قال عمر أولسنا بالمسلمين؟ قال أبو بكر بلى، قال عمر أوليسوا بالمشركين؟ قال أبو بكر بلى، قال عمر فعلام نُعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر يا عمر الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال عمر وأنا أشهد أنه رسول الله صلي الله عليه وسلم، لم يقنع عمر رضي الله عنه بهذا الحديث بينه وبين أبي بكر، فذهب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، والغضب لا يزال آخذا منه، فقال يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال بلى، قال أولسنا بالمسلمين؟ قال بلى، قال أوليسوا بالمشركين؟ قال بلى، قال فعلام نُعطي الدنية في ديننا؟ قال رسول الله أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني، وسكت عمر لهذا الجواب، وكان يقول من بعد ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ.

مخافة كلامي الذي تكلمت به حين رجوت أن يكون خيرا، أرأيت إلى هذا الاعتزاز بالنفس والاعتداد بالرأي وما لعمر لا يعتز برأيه، وقد أيده الوحي في موقفه من أسرى بدر، ولقد ظل على رأيه حين أشار بقتل عبد الله بن أبي حتى أيقن أن أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم أعظم بركة من أمره، كما ظل على رأيه في عهد الحديبية حتى نزل الوحي يؤيد رسول الله صلي الله عليه وسلم ويذكر أن هذا العهد فتح مبين، وكذلك كان يجادل رسول الله صلي الله عليه وسلم في الرأي مجادلة رجل لرجل حتى يتبين له الحق، إما بنزول الوحي، أو بتأييد الواقع رأيه، أو نقض الواقع له، رأيت أن عمر رضي الله لم يتجه بتفكيره إلى النظريات المجردة يقلبها ويمتحنها ليرتب عليها آثارها المنطقية.

وإنما كان اتجاهه في الإسلام، كما كان قبله، إلى ما له أثر عملي في واقع الحياة الحاضرة أمامه، وهذا الأثر العملي هو الذي استثار رأيه في أسرى بدر، وفي أمر ابن أبي، وفي عهد الحديبية، كما أنه هو الذي استثار رأيه من بعد فيما لم ينزل به الوحي من شئون المسلمين العامة، ومن شئون رسول الله الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى