مقال

رحلة إلي الجنة والنار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رحلة إلي الجنة والنار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 11 فبراير

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن الرحلة الإلهية والمعجزة الربانية رحلة الإسراء والمعراج، وقد شاهد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة الجنة ونعيمها وأراه جبريل عليه السلام الكوثر وهو نهر أعطاه الله تعالي لنبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم إكراما له، حافتاه والحصى الذي في قعره من اللؤلؤ وتربته من المسك وكان عليه الصلاة والسلام كلما مر بملأ من الملائكة قالوا له ” يا محمد، مر أمتك بالحجامة ” وفي المقابل وقف النبي صلى الله عليه وسلم على أحوال الذين يعذبون في نار جهنم.

فرأى أقواما لهم أظفار من نحاس يجرحون بها وجوههم وصدورهم فسأل جبريل عنهم فقال ” هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ” ورأى صلي الله عليه وسلم أيضا أقواما تقطع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل عليه السلام ” هؤلاء خطباء أمتك من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ؟ ” ورأى صلي الله عليه وسلم شجرة الزّقوم التي وصفها الله تعالى بقوله “والشجرة الملعونة في القرآن” وقوله “إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين” ورأى صلي الله عليه وسلم مالكا خازن النار ورأى المرأة المؤمنة التي كانت تمشط شعر ابنة فرعون ورفضت أن تكفر بالله فأحرقها فرعون بالنار.

ورأى صلي الله عليه وسلم الدجال على صورته أجعد الشعر، أعور العين عظيم الجثة أحمر البشرة مكتوب بين عينيه كافر، وفي تلك الرحلة جاءه جبريل عليه السلام بثلاثة آنية، الأول مملوء بالخمر، والثاني بالعسل، والثالث باللبن فاختار النبي صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فأصاب الفطرة ولهذا قال له جبريل عليه السلام ” أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك ” رواه البخاري، وبعد هذه المشاهدات عاد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأدرك أن ما شاهده من عجائب وما وقف عليه من مشاهد لن تتقبله عقول أهل الكفر والعناد فأصبح مهموما حزينا ولما رآه أبوجهل على تلك الحال جاءه وجلس عنده ثم سأله عن حاله، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برحلته في تلك الليلة ورأى أبو جهل في قصته فرصة للسخرية والاستهزاء.

فقال له ” أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نعم، فانطلق أبو جهل ينادي بالناس ليسمعوا هذه الأعجوبة فصاحوا متعجبين ووقفوا ما بين مكذب ومشكك وارتد أناس ممن آمنوا به ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم وقام إليه أفراد من أهل مكة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الوقت الذي بقي فيه هناك لم يكن كافيا لإدراك الوصف لكن الله سبحانه وتعالى مثّل له صورة بيت المقدس فقام يصفه بدقة بالغة حتى عجب الناس وقالوا أما الوصف فقد أصاب، ثم قدّم النبي صلى الله عليه وسلم دليلا آخر على صدقه وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته ووقت قدومها فوقع الأمر كما قال، وفي ذلك الوقت انطلق نفر من قريش إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر؟

فقال لهم لئن كان قال ذلك لقد صدق فتعجبوا وقالوا أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ فقال نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة فأطلق عليه من يومها لقب الصديق، وكان في هذه المواقف المتباينة حكم إلهية عظيمة ففي تصديق أبي بكر رضي الله عنه إبراز لأهمية الإيمان بالغيب والتسليم له طالما صح فيه الخبر، وفي ردة ضعفاء الإيمان تمحيص للصف الإسلامي من شوائبه، حتى يقوم الإسلام على أكتاف الرجال الذين لا تهزهم المحن أو تزلزلهم الفتن وفي تكذيب كفار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وتماديها في الطغيان والكفر تهيئة من الله سبحانه لتسليم القيادة إلى القادمين من المدينة.

وقد تحقق ذلك عندما طاف النبي صلى الله عليه وسلم على القبائل طلبا للنصرة فالتقى بهم وعرض عليهم الإسلام فبادروا إلى التصديق والإيمان ليكونوا سببا في قيام الدولة الإسلامية وانتشار دعوتها في الجزيرة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى