مقال

أول بذرة في بناء المجتمع الإسلامي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أول بذرة في بناء المجتمع الإسلامي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 22 فبراير 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد قد تجلى ثبات رسول الله المصطفي صلى الله عليه وسلم لله تعالى في عبادته وجهاده ونصحه للمسلمين ودعوته وأمره ونهيه، وظهر ذلك جليا من خلال ما تم إيراده في الفقرة السابقة، إذ ثبت أمام الإغراءات والتهديدات، ولم يتزحزح أو يتراجع، بل حاصروه وأهله في شعب أبي طالب ثلاث سنين حتى بلغ منهم الجهد مبلغه وأخذوا يأكلون الأوراق والجلود، وكان يُسمع صوت النساء والصبيان يتصايحون من الجوع.

فما قل ذلك من عزيمته صلى الله عليه وسلم ولا توقف عن دعوته، بل استمر وصبر وتحمل ودوام عليها، ووضعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، وحثوا التراب في وجهه وأدموا قدميه، وشجوا وجهه، وكسروا رباعيته، ومع هذا ظل صلى الله عليه وسلم ماضيا في سبيله يدعو إلى الله تعالى، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على بصيرة صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم لنا القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة فعلا إنه صدق الإيمان وعزمه وقوة الثبات والتحمل الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم مؤمن، وكل داعية إلى الله فإن توفر قوة العقيدة وثباتها زالت وهانت بسببها كل المصائب والمحن، واستلذها الداعية إلى الله، هذا هو اليقين وهو التوكل على الله.

وهو الدافع الأسمى للثبات على المبدأ، وعلى العقيدة والصبر والتحمل، ومن أهم المجالات العملية التي تبين لنا علو همة النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرته الدعوية مبادرته في بناء المسجد النبوي، فأول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم هو بناء المسجد لأنه هو الذي يمثل حياة المسلمين وعباداتهم، فكان لابد من معلم إسلامي يمثل الدولة الإسلامية الجديدة، ويرسخ دعائمها، انطلاقا من الإيمان بالله وتطبيقا لشرائع دينه سبحانه، فقال الرازي واصفا هذا العمل من النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قوله تعالي ” علي تقوي من الله ورضوان ” أي للخوف من عقاب الله والرغبة في ثوابه، وذلك لأن الطاعة لا تكون طاعة إلا عند هذه الرهبة والرغبة، وحاصل الكلام أن الباني لما بنى ذلك البناء لوجه الله تعالى وللرهبة من عقابه.

والرغبة في ثوابه، كان ذلك البناء أفضل وأكمل من البناء الذي بناه الباني لداعية الكفر بالله والإضرار بعباد الله، وإن بناء المسجد أهم ركيزة من ركائز بناء المجتمع الإسلامي، فالنظام الإسلامي قائم على شيوع أواصر المحبة والأخوة في الله، فلا يمكن تقوية تلك الأواصر إلا ببناء المسجد فيلتقون على طاعة الله، ويجددون الميثاق والعهد مع الله والقيام بما فيه مصلحة لهذا الدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم غرس أول بذرة في بناء المجتمع الإسلامي وسارع في بناء المسجد، فكان هذا البناء بداية عهد جديد لزرع أواصر الإيمان والإخاء والتعاون، وفي الختام نسأل الله أن يصلح ذريات المسلمين حتى يكونوا هداة مهتدين، ينصرون هذه الأمة ويزيلون عنها ما خنق أنفاسها من الجهل والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى