مقال

الأصل في النواهي هو التحريم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأصل في النواهي هو التحريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 19 مارس 2024

الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات وجعلت فاطمة تبكي وتقول واكرب أبتاه فيلتفت إليها ويقول ليس على أبيك كرب بعد اليوم فجعلت أمسح وجهه وأدعو له بالشفاء.

فقال لا بل أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل ثم لما ضاق به النفس واشتدت عليه السكرات جعل يردد كلمات يودع بها الدنيا، بل كان يتكلم فيما أهمه ويحذر من صور الشرك ويقول “لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، اشتد غضب الله على قوم جعلوا قبور أنبيائهم مساجد” وكان من آخر ما قال صلى الله عليه وسلم “الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم” ثم مات صلى الله عليه وسلم، مات سيد المرسلين وإمام المتقين وحبيب رب العالمين، مات وليس أحد يطالبه بمظلمة ولا آذى أحدا بكلمة، لم يتدنس بأموال حرام ولا غيبة ولا آثام، بل كان إلى الله داعيا ولعفو ربه راجيا، يأمر بالصلاة وعبادة الرحمن وينهى عن الشرك والأوثان، فيقول تعالي ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”

وكذلك كان الصالحون من بعده صلى الله عليه وسلم يستعدون للموت بالإكثار من الطاعات، والمسارعة إلى القربات، واعلموا يرحمكم الله إن الأصل في حكم السنة القولية هو الوجوب، لأن الأصل في الأوامر هو الوجوب، والأصل في النواهي هو التحريم، ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم، وهناك السنة الفعلية، وهي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أفعال في كل أحواله، والتي نقلها لنا الصحابة، مثل كيفية أداء الصلاة، وكيفية وضوءه، وأدائه لمناسك الحج، وما إلى ذلك، وهي عادة أقل في قوة التشريع من السنة القولية، فليس كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، هى سنة يجب اتباعها، إلا فيما تعلق بالأفعال المتعلقة بالتشريع، ولهذا انقسمت أفعاله إلى ثلاثة أقسام.

وهى ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، من أفعال خاصة به، وهذه ليس لغيره من الأمة اتباعها، وذلك كوصاله الصيام في شهر رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم اليومين وأكثر من غير أن يأكل بينهما، وهو في نفس الوقت ينهى أصحابه عن ذلك لاختلاف حاله غيره من الأمة، وكتزوجه صلى الله عليه وسلم، بأكثر من أربع نساء، وكتهجده بالليل، حيث كان التهجد بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، يعد واجبا، كما يدل على ذلك القرآن الكريم كما جاء فى سورة الزمر ” يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا ” وكذلك ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، بحكم بشريته كالأكل والشرب والنوم، وما إلى ذلك، فهذا النوع من الأفعال، وإن كان لا يعد تشريعا ولا يجب التأسي به، إلا أنه وُجد من الصحابة مَن كان يقتفي أثره في ذلك محبة فيه، وحرصا على اتباعه، كعبد الله بن عمر رضى الله عنهما.

وكذلك ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، وقصد به التشريع والاتباع، وهو نوعان، أفعال وردت بيانا لمجمل ما جاء في القرآن، فمثلا فما صدر عنه من أفعال خاصة بالصلاة كانت بيانا كما جاء من قول الله عز وجل في القرآن وقال النبي ” صلوا كما رأيتموني أصلي” وما صدر عنه من أفعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانا وما إلى ذلك من الأفعال التي تحمل الصبغة التشريعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى