مقال

خصائص العشر الأواخر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خصائص العشر الأواخر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 27 مارس 2024

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، ثم أما بعد إن من خصائص العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها، والإعتكاف مشروع لأمته صلى الله عليه وسلم من بعده وكما يسمّى جوارا، وذلك لقول السيدة عائشة رضى الله عنها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض” فهو إذن لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

حيث قال الله عز وجل في سورة البقرة ” ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد” واعتكف النبي صلى الله عليه وسلم واعتكف أصحابه معه وبعده، وإن الغاية من الاعتكاف هو تحقيق صفاء القلب بمراقبة الله عز وجل والإقبال عليه لعبادته في أوقات الفراغ، وهو من أشرف الأعمال وأحبها إلى المولى الكريم إذا كان عن إخلاص مع الصوم، ولهذا كان من سُنة النبي صلى الله عليه وسلم الاعتكاف تلك العشر، وهذا فيه الاجتهاد في العبادة، وبذل الوسع في تحري تلك الليلة الفاضلة ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر فينقطع في المسجد تلك المدة عن كل الخلائق، مشتغلا بطاعة الخالق، قد حبس نفسه على طاعته، وشغل لسانه بدعائه وذكره، وتخلى عن جميع ما يشغله، وعكف بقلبه على ربه وما يقربه منه.

فما بقي له سوى الله وما شغل نفسه إلا بما فيه رضاه، فالمقصود بالاعتكاف إذن انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلبا لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، والاعتكاف في اللغة هو الإقامة على الشئ ولزومه وحبس النفس عليه، وشرعا عرفه الفقهاء بتعاريف مختلفة لفظا، متقاربة المعنى، فعند الحنفية هو اللبث فى المسجد الذي تقام فيه الجماعة مع الصوم ونية الاعتكاف، وعند المالكية هو لزوم مسلم مميز مسجدا بصوم ليلة ويوم لعبادة بنية، وعند الشافعية هو اللبث فى المسجد من شخص مخصوص بنية، وعند الحنابلة هو لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة.

من مسلم عاقل مميزا طاهرا مما أوجب غسلا، والاعتكاف في المساجد سنة نبوية لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منذ قدم المدينة كما ثبت عنه ذلك في الأحاديث الصحيحة وليس بواجب إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء به، وقال الإمام أحمد بن حنبل “لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أن الاعتكاف مسنون” والاعتكاف معروف في الشرائع السابقة حيث قال تعالى في سورة البقرة ” وعهدنا إلي إبراهيم وإسماعيل أن طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود” وهو مستحب في جميع أوقات السنة غير أنه يكون في رمضان أفضل من غيره، وأفضل أماكنه المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى ثم المسجد الجامع، أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى