مقال

لا كلام إلا بعد الأمان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن لا كلام إلا بعد الأمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 18 مارس 2024

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة ” رواه النسائي، وقال حكيم بن حزام رضي الله عنه “ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها” ومشى بقيّ بن مخلد مع ضعيف في مظلمة إلى إشبيلية، ومشى مع آخر إلى إلبيرة، ومع امرأة ضعيفة إلى جيان، وكان هذا مع كثرة عبادته، وكثرة طلابه وانشغاله بالعلم والتأليف، وقد جعل الله السلام تحية المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، وسبب ذلك أن السلام أمان ولا كلام إلا بعد الأمان.

فإلقاء السلام على من عرف المسلم ومن لم يعرف من أفضل الإسلام، وأولى الحقوق التي على المسلم للمسلم أن يرد عليه السلام، ومما لا شك فيه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما جاء رحمة للبشرية، وإنقاذا لها من براثن الغواية والضلال، وإخراجا لها من الظلمات إلى النور، وحتى يصل بالبشر جميعا إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كل تعاملاتهم في الحياة، وقد صرح بهذا الأمر كما في مسند الإمام أحمد، عن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ومن المعلوم أن العالم عامة والعرب خاصة في زمن نشأة النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل بعثته قد ذاق من ويلات الحروب الكثير والكثير، وكانت القبائل العربية تتقاتل فيما بينها لأتفه الأسباب، بل من دون أسباب أصلا.

وقد جاء الإسلام العظيم لينتزع الناس من هذه الحياة بالغة السوء، ولينقلهم نقلة هائلة إلى حيث السلام والأمن والأمان والهدوء والسكينة، ومن ثم كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحرص ما يكون على إبعاد الناس تماما عن الحروب، وعن كل ما يؤدي إليها، انطلاقا من الرسالة السامية التي جاء بها من عند الله عز وجل نورا وهداية وأمنا ورحمة للإنسانية كلها، وإن من يراجع آيات القرآن الكريم يدرك بما لا يدع مجالا للشك أن الأصل في التعامل مع غير المسلمين هو تقديم السلام على الحرب، واختيار التفاهم على التصارع، ويكفي أن كلمة السلم بمشتقاتها قد جاءت في القرآن الكريم مائة وأربعين مرة، بينما جاءت كلمة الحرب بمشتقاتها ست مرات فقط، والفرق بين العددين هو الفرق بين نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كلا الأمرين.

ففي معظم أحواله صلى الله عليه وسلم كان يبحث عن الطرق السلمية والهادئة للتعامل مع المخالفين له، وإن زيارة المريض حال مرضه، وزيارة الإخوان بين حين وآخر له أثر كبير في تطييب النفوس، وتنمية المودة والألفة، وكما أن النفس البشرية كالبحر، والنفوس تختلف باختلاف أصحابها، فما يصلح لهذه قد لا يصلح للأخرى، ولله در شبيب بن شيبة حينما قال “لا تجالس أحدا بغير طريقه، فإنك إذا أردت لقاء الجاهل بالعلم، واللاهي بالفقه، والعي بالبيان آذيت جليسك” وهذا المنيعي حسان بن سعيد المخزومي عندما أراد أن يبني جامعا أتته امرأة بثوب لتبيعه وتنفق ثمنه في بناء ذلك الجامع، وكان الثوب لا يساوي أكثر من نصف دينار، فطيب خاطرها، واشتراه منها بألف دينار، وخبأ الثوب كفنا له، وكان القعقاع بن شور إذا قصده رجل، وجالسه، جعل له نصيبا من ماله، وأعانه على عدوه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى