مقال

نفحات إيمانية ومع إرضاء الله عز وجل ” الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع إرضاء الله عز وجل ” الجزء الخامس”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع إرضا الله عز وجل، وإنه عندما تضيق بالإنسان الكروب وتحيط به الشدائد فلابد له من سبيل يخرج به من ذلك الضيق وينال به سعة وفرجا, ولابد له أن يعرف أسباب ذلك وأن يحيط بمفاتيح الفرج التي بها يدرك الخروج من المضايق وينال ما يؤمل من سعة الدنيا وراحتها فالدنيا ألوان وصنوف, والله تعالى نوّع فيها البلاء بين شدة ورخاء، صحة ومرض، غنى وفقر، ضيق وسعة، أمن وخوف، والناس يتقلبون في ذلك كله بين عدل الله تعالى وفضله وهم مختبرون في كل أحوالهم، مختبرون في الصحة كما هم مختبرون في المرض، مبتلون بالغنى كما هم مبتلون بالفقر، يرى الله تعالى ما هي عليه حالهم من الأمانة والصدق في الشدة والضيق وفي الرخاء والسعة فأروا الله عز وجل من أنفسكم خيرا واعرفوا كيف تتعاملون معه جل في علاه في شدتكم ورخائكم, كونوا عباد لله في كل أحواله تنالوا منه ولاية يكون بها سمعكم الذي تسمعون به وبصركم الذي تبصرون به ويديكم التي بها تبطشون ورجلكم التي تنتقلون.

ولئن استنصرتموه نصركم, ولئن استعذتموه أعاذكم, كان الله لكم في كل شعركم إذا كنتم على ما يحب في كل شأنكم، فإذا اشتدت الأمور وضاقت الحياة وتكالبت على الإنسان المحن فاعلم أن الناس في ذلك على أحوال منهم القانطون الآيسون المتضجرون الجزعون فهؤلاء لا ينالون خيرا ولا يصيبون أجرا بل هم في شقاء وعناء في الحال والمآل، وقسم يُوفقون إلى الصبر ويطلبون من الله تعالى مفاتيح الفرج ويلجؤون إليه جل في علاه ليخرجوا من ضيق إلى سعة ومن فقر إلى غنى ومن شدة إلى رخاء ومن مرض إلى صحة ومن ضيق حال إلى سعة وبر، فسألوا الله عز وجل من فضله فإن الله عز وجل يحب أن يسأله عباده كل حوائجهم الدقيق والجليل وأملوا من الله العطاء وقد قيل أفضل العبادة انتظار الفرج، فإن أفضل ما يرجوه العبد من ربه أن يأمل عطاءه فإنه من أحسن الظن بربه نال منه كل ما يرجوه ويتمناه، وتقوى الله رأس الأمر فبها تحل الكرب، وبها تدرك المطالب، وبها يخرج الإنسان من المضايق.

فقال ربكم جل في علاه ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا” أى تقوى الله تعالى وهي مراقبته وخوفه ومحبته وتعظيمه مع القيام بأمره ظاهرا وباطنا والانتهاء عما نهى عنه قدر الطاقة والوسع، كل ذلك مخرج من كل ضيق على الناس فمن ضاق عليه أمر فليستعمل التقوى، فالله لا يخلف الميعاد ولا تستبطئ فرجا ولا تستأخر عطاء وإجابة فالله جل في علاه لا يخلف الميعاد, ولابد أن تنال ما تؤمل من وعده إذا أتيت بالشرط ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” وإن من أفضل ما يعنيكم على تحقيق التقوى ألا تستعجلوا وتستبطئوا العطاء ولا تستأخروا إجابة الدعاء، وأحسنوا الظن بالله تعالى فما أحسن عبد الظن بربه إلا بلغه الله نواله، وقد قال الحق وهو الذي قوله الحق ومن أصدق من الله قيلا, قال “أنا عند ظن عبدي بي” فالله لك كما تظن فيه فإن ظننت فيه خيرا وبرا وإحسانا وجودا وإجابة دون اغترار نلت منه كل عطاء وبر، واستعملوا في كل بلية حُسن الظن بالله عز وجل فإنه يكشفها جل في علاه.

فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج من أن تسيء الظن به أو أن تقنت من رحمته، وما أحسن عبد الظن بالله إلا جعل له من كل ضيق فرجا, ولا تقل كيف إن ربي لطيف لما يشاء يؤتيك ما تأمل من حيث لا تحتسب، يرزق من يشاء بغير حساب، افعل السبب وأمل من الله الفرج فإن الله تعالى عنده كل ما تأمل، ومن تقوى الله أن تحفظه وأن تحسن الصلة به في الرخاء، فمن الناس من لا يعرف الله إلا في الشدة وفي الرخاء ينساه وهؤلاء قد ينالون مؤملوهم عند الدعاء في الشدة لكنهم محرمون الأجر والبر والإحسان لكن العاقل الرشيد هو من فعل وعمل بوصية خير الأنام صلى الله عليه وسلم ” تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة” فكن لله كما يحب في السعة يكون لك كما تحب في الضيق، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، اجتهد في معاملتك لربك وكن على حال حسنة فيما بينك وبينه وهذا لا يعنى ألا يقع منك هفوة أو ألا تذل منك قدم أو ألا تتورط في معصية فكل ابن آدم خطاء لكن كن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

” اتقى الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها” وأعظم الحسنات الماحيات للسيئات صدق التوبة إلى الله تعالى، فأقبلوا على الله عز وجل وأكثروا من حسن الصلة به في السعة سيكون لكم كما تحبون في الشدة, أكثروا من الاستغفار أيها المؤمنون فبالاستغفار تنال العطايا تغفر الخطايا ينال العبد ما يؤمل من عطاء الرب جل في علاه فالاستغفار فرج من كل هم ما أكثر ذنوبنا وما أكثر خطايانا وما أكثر ما نعصى ونذل فلنكثر أمام الكثير من الخطأ الاستغفار والتوبة والأوبة, كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسب له في المجلس الواحد مائة مرة استغفر الله العظيم وأتوب إليه, فاستغفروه بكرة وأصيلا واستعملوا الاستغفار في كل أحوالكم فإنه قال صلى الله عليه وسلم ” إنه ليغان على قلبى” يعني يصيب قلبه صلى الله عليه وسلم شيء من الغيم وهي طبقة رقيقة فيقول ” وإنى لأستغفر الله فى اليوم مئة مرة” استغفر الله العظيم وأتوب إليه, استغفروا ربكم إنه كان غفارا، فبالاستغفار تنحل الكرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى