مقال

نفحات إيمانية ومع المسجد والسوق والعلاقه بينهما “الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع المسجد والسوق والعلاقه بينهما “الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع المسجد والسوق والعلاقة بينهما، ولم يبدأ البناء في الأسواق إلا على عهد معاوية بن أبي سفيان الذي سن تأجير أماكن السوق ثم إن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا فيه معالم كثيرة وهدي اقتصادي نبوي يجب على المسلمين عامةً وأرباب التجارات خاصة أن يعوها، منها أولا هو الإيمان بأن معاملات اليهود تقوم على السحت والربا، والغش والتدليس والاحتكار، وهذا مُحرم في الشريعة الإسلامية، ومن ثم يصعب أن تكون هناك سوق يهيمن عليها اليهود وتلتزم بقواعد وأحكام الشريعة الإسلامية ويتعامل فيها المسلمون إلا وقعوا في الحرام لذلك يجب أن تكون للمسلمين سوق حرة نظيفة طاهرة.

 

وثانيا هو أن فرض الإتاوات أى الضرائب والرسوم وما في حكمهما بدون ضوابط على المعاملات في الأسواق يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وغيرها، وهذا لم يقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك نهى عن فرض الخراج على المعاملات في الأسواق، وهذا واضح من قوله صلى الله عليه وسلم “ولا يضرب عليها الخراج” وثالثا وهو أن يجب أن يكون للمسلمين قوة اقتصادية تستطيع بها المحافظة على أموال المسلمين وتنميتها بالحق، وأن تكون لهم سوق خالية من كل صور السحت والربا وأكل أموال الناس بالباطل، سوق تقوم على الطيبات والحلال، والصدق والأمانة، والتسامح والقناعة، وخالية من الاحتكار، ولقد كان في المدينة المنورة قبل الإسلام عدة أسواق متناثرة.

 

يقع بعضها بعيدا عن المركز الحالي للمدينة المنورة وقد ارتبطت هذه الأسواق بتوزع مناطق استقرار العشائر المختلفة في المدينة المنورة ولم تكن في هذه الأسواق أية أبنية ثابتة أو أماكن محددة لكل تاجر، ومن هذه الأسواق سوق بني قينقاع وسوق زبالة وسوق العصبة وسوق بني الخيل وسوق بقيع الزبير وقد استخدم المسلمون هذه الأسواق في بداية عهد استقرارهم في المدينة المنورة وخاصة سوق بني قينقاع حتى ضمت هذه الأسواق في سوق بقيع الزبير في عهد النبي صلى الله عله وسلم ثم نقل السوق في تلك الفترة إلى المكان الذي كان يعرف باسم البطحاء ويعرف الآن باسم المناخة وهو سوق المدينة المنورة الذي أسسه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وخطه برجله.

 

وهو أول سوق في الأرض يؤسسها نبي، وهو كموقع اقتصادي وتاريخي بنفس الوقت يعتبر أحد الأماكن ذات العبق التاريخي المرتبطة بالعهد النبوي، ويقع غربي المسجد النبوي ويبدأ شمال مسجد الغمامة وهو المصلى، ويمتد إلى القرب من ثنيات الوداع شمال المدينة المنورة قديما، أي يحدّ سوق المدينة من الجنوب مسجد الغمامة أو المصلى، ويمتد حتى شرق جبل سُليع أو باب الكومة، وقد اشتهرت المناخة كذلك بأن جزءا منها وهو الجزء الشمالي الأقرب إلى ثنية الوداع كان مركزا لمسابقة الخيول، ولقد بقي هذا السوق صامدا كموقع حتى وقت قريب يعرفه أهل المدينة جيدا، وكان فضاء رحبا لا أبنية فيه يحضر التجار إليه صباحا.

 

ومن سبق إلى موقع وضع بضاعته فيه ويتاجر إلى نهاية اليوم حيث يحمل متاعه ليعود في اليوم الثاني، ولم تذكر المصادر مساحة محددة للسوق بالضبط، كما لا توجد له أبعاد من حيث الطول أو العرض في أول إنشائه, غير أنه محدود بمواقع وأبنية معينه، فقد نقل ابن زبالة أن عرض سوق المدينة ما بين المصلى أي من القبلة إلى جرار سعد بن عبادة وهي جرار كان يسقى الناس فيها الماء بعد موت أمه أي أن الجرار كانت في حده من جهة الشام قرب ثنية الوداع، وقيل أنه كان الراكب ينزل سوق المدينة فيضع رحله، ثم يطوف بالسوق ورحله بعينه يبصره لا يغيبه عنه شيء ويظهر من هذا بأن مساحة السوق متوسطة بحيث يرى الزائر ركبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى