مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء العاشر “

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء العاشر ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع الرسول الكريم فى الشِعب، وعقيل بن أبي طالب ابن عمه، وكان لم يسلم بعد، قد باع دار أبي طالب التي كان من الممكن أن ينزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ذلك من شدة حزنه حيث إن أسامة بن زيد لم يكن يسأل عن دار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دار عمه، إنما فقط يسأل عن المكان الذي سيستقر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر لكن الرسول صلى الله عليه وسلم تهيجت مشاعره عند ذكر المكان فقال هذا الكلام، ثم إنه وكما يقول النووي أراد أن ينزل في هذا المكان شكرا لله تعالى على النعمة في دخوله ظاهرا، ونقضا لما تعاقدوه بينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ذكر أن قريشا تقاسمت على الكفر، وليس المقصود هنا بالكفر عبادة الأصنام، فإن مسألة القسم على البقاء على الكفر من عدمه لم تطرح في عهدهم، إنما يقصد أن هذا الإجرام والفجور هو زيادة في الكفر وذلك مثل قوله عز وجل، وهو يتكلم عن النسيء، فيقول تعالى ” إنما النسئ زيادة فى الكفر” وهو يدل على بشاعة القرار الذي أخذته قريش بحصار وتجويع بني عبد مناف على هذه الصورة، ولقد استجابت كل قبائل قريش للأمر، وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، وقد تقاسموا بآلهتهم على الوفاء بها، وبالفعل بدأ تنفيذ هذا الحصار الرهيب في أول ليلة من ليالي المحرم في السنة السابعة من البعثة، وقد دخل بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم.

 

إلى شعب أبي طالب وتجمعوا فيه، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ليكونوا جميعا حوله لحمايته من أهل مكة، وبدأت مرحلة جديدة من المعاناة والألم، ولون جديد من ألوان الابتلاء، تلك التي عاشها المسلمون في رحلة الدعوة الإسلامية، فقد قطع الطعام بالكلية عن المحاصرين، فلا بيع ولا شراء، حتى الطعام الذي كان يدخل مكة من خارجها وكان يذهب بنو هاشم لشرائه، كان القرشيون يزيدون عليهم في السعر حتى لا يستطيعوا شراءه، ومن ثم يشتريه القرشيون دون بني هاشم، وقد بلغ الجهد بالمحاصرين حتى كان يسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى التقوت بأوراق الشجر بل إلى أكل الجلود.

 

وإن الإنسان ليعجب من استمرار هذا الظلم على مرأى ومسمع من الجميع، وشعب مكة رجالا ونساء يراقب الحدث، ويشهد الإبادة الجماعية، بل تأتي الوفود للحج سنة بعد سنة، وهم يشاهدون هذه الجريمة، ولا صوت للحق في هذا الزمان، فإنها صورة جاهلية مقيتة، انحدرت فيها أخلاق البشر حتى صارت أقسى من الوحوش الكاسرة، فكان الذي حدث بين عتبة بن ربيعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهاية الأمر إيذانا بفشل المفاوضات بين المشركين ورسول الله صلى الله عليه وسلم، كان المشركون يسعون إلى حل سلمي في رأيهم لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا أن الحل السلمي ليس معناه التنازل بل إن السلام لا يكون إلا بحفظ الحقوق.

 

وأول حق يجب أن يحفظ هو حق الله عز وجل، فلا يجوز لمفاوض ولا معاهد أن يبني عهده وميثاقه على مخالفة لحق الله عز وجل، وهذه الحقوق تحددها مواقف السيرة، وفهم وتطبيق رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصوص القرآنية، وهكذا فشلت المفاوضات، وتوقع كل المراقبين للأحداث أن تحدث أزمة كبيرة في مكة بعد هذا الانهيار للمباحثات بين الطرفين، وكان أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يراقب الموقف، وقد أدرك أن قريشا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما حدث، فخشي أبو طالب أن يثور زعيم أو سفيه من زعماء أو سفهاء قريش فينطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتله، وقد كانت هناك محاولات سابقة لذلك ففكر فيما يفعل كي يحمي مَن يحبه أكثر من أولاده، وهو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى