مقال

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 3″

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع سبحان الذي أسري بعبده ليلا، بل إن الإسراء والمعراج من خلال المرائي التي رآها المصطفى صلى الله عليه وسلم هي منهج حياة كامل، وقد أرشدت إلى الخير ورفعة الفرد والمجتمع، وحذرت من الشر، وفساد الأخلاق وكما بينت كيف يكون حال الإنسان مع الله، و كيف يكون مع الناس، وقد أظهرت الطريق المستقيم لكل من أراد أن يتقرب إلى الله، وبينت مصير من سار عليه، وأظهرت طرق الشيطان، و حذرت منها و بينت مصير من سار فيها، وكما أكدت على العبادات، ودعت إلى مكارم الأخلاق وحفظ الأموال وإعطاء كل ذي حق حقه، كما أنها دعت إلى الثبات، والاستقامة على دين الله عز وجل، وعلى طاعته، والناظر فى رحلة الإسراء والمعراج يرى شدة حاجتنا اليوم الى تطبيق دروسها، واخذ العبرة من أحداثها، بعد أن ابتعد الكثير عن طاعة الله تعالى.

 

فاغتصبت الأموال، وانتهكت الأعراض، و سفكت الدماء، ودعي إلى الفجور والفواحش، وكأن هذه رسالة إلينا وجب علينا أن نستمع إليها وان نتدبر معانيها ونسعى في نورها، وقد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بيت المقدس, وصلى بالأنبياء اماما, وربط البراق بحلقة باب المسجد، وقدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم معراج جميل والمعراج هو سلم، لم تري الخلائق مثله, فصعد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل فوق المعراج حتى بلغا السماء الأولى, وهي سماء الدنيا, وطلب جبريل من ملائكة هذه السماء أن يفتحوا له أبوابها, فناداه منادي من أنت فقال أنا جبريل، قال المنادي ومن معك قال جبريل معي محمد، قال أوقد بعث محمد قال جبريل نعم، وفتح له, فتحت لهما السماء والدنيا, ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا رجل تام الخلقة عن يمينه أسودة وهي أرواح.

 

وعن يساره أسودة، فاذا نظر الى التي عن يمينه تبسم, وقال روح طيبة اجعلوها في عليين فيفتح باب ويخرج منه ريح طيبة, فتدخل فيه, واذا نظر الى التي على يساره حزن وقطب جبينه وقال روح خبيثة اجعلوها في سجيّن, فيفتح باب ويخرج منه ريح خبيثة, فتدخل فيه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الشخص التام الخلق وعن هذه الأسودة, وعن هذين البابين؟ فقال جبريل عليه السلام، أما الشخص التام الخلقة فهو أبوك آدم، واما هذه الأسودة عن يمينه وعن يساره فهي أرواح بنيه، أهل يمينه هم أهل الجنة, وأهل شماله هم أهل النار, فاذا نظر الى أهل الجنة تبسم واذا نظر الى أهل النار حزن وابتأس، وأما البابان فالباب الذي الى اليمين باب الجنة, والباب الذي الى اليسار باب جهنم، وقد رحّب أبو البشر آدم عليه السلام برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التحية بأحسن منها، ومضى الى مشهد آخر من مشاهد المعراج، التي تعد درسا من دروس الدعوة العظيمة وقدوة حميدة للناس أجمعين، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فرأى موائد كثيرة, عليها لحم مطهي طيب طازج ولا يقربها أحد, وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذا اللحم النتنة أناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم المطهي الطيب, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ومن هؤلاء يا جبريل؟” فقال جبريل عليه السلام هذا حال ناس من أمتك يتركون الحلال الطيّب فلا يطعمونه, ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته, فلم يمضي وقت طويل على بدء دعوته المباركة حتى عزه ربه بمعجزات عظيمة.

 

أثارت في كفار مكة الدهشة والعجب, وكان لها أثر واضح بين الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الذين لم يؤمنوا به، فكانت هذه المعجزة هي معجزة الاسراء والمعراج والذي كان البراق من أعاجيبها، وإن الاسراء هو انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا من مكة الى بيت المقدس, ثم عودته الى مكة في الليلة نفسها، في حين أن هذه المسافة يقطعها الناس في شهر ذهابا وشهر في العودة، أما المعراج وهو صعوده صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس الى السموات العلا الى سدرة المنتهى حيث أوحى الله تعالي اليه ما أوحى, ثم هبوطه صلى الله عليه وسلم الى بيت المقدس في ليلة الاسراء نفسها، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فوجد ناسا شفاههم كمشافر الابل, فيأتي من يفتح أفواههم, فيلقي فيها قطعا من اللحم الخبيث, فيضجون منها الى الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى