مقال

نفحات إيمانية ومع الصابرة والمحتسبة المكابدة “جزء 5”

نفحات إيمانية ومع الصابرة والمحتسبة المكابدة “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الصابرة والمحتسبة المكابدة، وقد أهّلها الله تعالى، لأن تكون الزوجة التقية النقية القادرة على تحمل الابتلاء في الزوج والمال والولد، فما شكت وما جزعت وما لطمت خدا، وما شقت جيبا وما قطعت العبادة، إنها الصابرة العفيفة الخدومة السيده ليا، وقد قيل أن نبى الله أيوب عليه السلام ولد في أرض الروم لأبيه موص، وكان موص هو حفيد العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد اصطفى الله أيوب فاتخذه نبيا من لدنه سبحانه ليهدى قومه إلى الحق وعبادة الله، وقد وهب الله أيوب الكثير من المال وأسبغ عليه نعمه، فتملك الأراضي المتسعة والأنعام والمواشي والعبيد، إلى الحد الذي تردد فيه أن أيوب عليه السلام.

 

كان يمتلك أرض حوران كلها، ورزقه الله فوق ذلك كله بالأولاد حتى كثر أهله وذريته، تزوج نبى الله أيوب عليه السلام من السيده ليا بنت يعقوب عليه السلام لخلقها ودينها وجمالها، وكان نبى الله أيوب عليه السلام يعيش مع زوجته في خير حال إلى أن جاءه الامتحان الإلهي، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، ووقف عليه السلام تجاه هذا الابتلاء بالصبر العظيم، والرضا الكبير وعدم الجزع والهلع والغضب والسخط، وروى ابن أبى حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال “قال الشيطان يا رب سلطني على أيوب، فقال الله تعالى ” قد سلطتك على ماله وولده، ولم أسلطك على جسده ”

 

فنزل وجميع جنوده فقال لهم، قد سلطت على أيوب فأروني سلطانكم، فصاروا نيرانا ثم صاروا ماء، فبينما هم بالمشرق إذ هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إذ هم بالمشرق فأرسل طائفة منهم إلى زرعه وطائفة إلى إبله، وطائفة إلى بقره، وطائفة إلى غنمه، وقال إنه لا يعتصم منكم إلا بالصبر، فأتوه بالمصائب بعضها على بعض، ولكن الزوجة الصالحه هي أنثى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بطهرها وعفافها وحجابها، وهي أنثى بحيائها وتواضعها وخُلقها الرفيع، فقد قَتل الكبرياء المزعوم كثيرا من الزوجات وأودى بهم إلى الهلاك، وهي التي استفادت من وصية أمامة بنت الحارث لابنتها حين تزوجها الحارث بن عمرو.

 

وهي أيضا قد انتفعت مِن الإيجابية في تعامل أم حكيم المخزومية مع زوجها عكرمة بن أبي جهل، وهى التى تحسن استقبال زوجها وتوديعه، فهو عندها سيد مطاع في قومه، ولا بد له أن يحظى بالعناية والرعاية حين دخوله وخروجه من مملكته، وهى التى تملك قلب حماتها، باحترامها والسؤال عن أحوالها، واستشارتها أحيانا، وهي مجتهدة في تذكير زوجها ببر أمه، وإعطائها مِن الهدايا ما يفرحها، وهى التى ليست أنانة ولا حنانة، ولا منانة ولا حداقة، ولا براقة ولا شداقة، وهي المطيعة للأوامر، والمجتنبة للنواهي، وهي زوجة صبور تسعد بتلبية احتياجات زوجها، وترعاه بقلبها وقالبها تقوية للمودة، وإرساء للمحبة، وهي البشوش.

 

وهى طلقة الوجه، ومشرقة الابتسامة، فكلما عاد الزوج من عمله مرهقا، وجد وجهها وضاحا، وثغرها باسما، وبهذا تزول أتعابه كلها ويرتاح بدخوله لبيته، وكل هذه الصفات قد اتسمت بها السيدة ليا زوجة نبى الله أيوب عليه السلام، وهى الزوجة الرحيمة الحنونة وهى تذكر دوما وبقوة وتعتبر مضربا للأمثال لامرأة اشتد بها البلاء وطال بها الشقاء فتعلمت الصبر حتى تعلم الصبر من شدة صبرها عليه، إنها السيدة ليا أو السيدة رحمة زوجة نبي الله أيوب عليه السلام وهو من الأنبياء المنصوص على الوحي إليهم فكان يأتيه وحي الله وروحه الأمين جبريل عليه السلام، وكان صاحب رسالة وأمانة لم يفرط فيهما أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى