مقال

القاعدة الذهبية فى تغيير السلوك..

القاعدة الذهبية فى تغيير السلوك..

 

يخرج ليقتل النبى، فيعلم بإسلام أخته، فغير وجهته ودخل يسألها ءأسلمت؟ قالت أرءيت إن كان الحق فى غير دينك؟ فلطمها حتى أدمى وجهها، فنظر للدماء متاثرا، فإذا به يسأل هل لديك شىء من القرآن؟ فسمع “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” لأخر الآيات فجلس بين يدى النبى مسلما تابعا يفدى بنفسه من كان يريد قتله.

 

وسألت نفسى مندهشا، كيف حدث هذا التحول الهائل السريع للفاروق؟ من النقيض إلى النقيض ؟ ما هى أسبابه؟ ذلك الذى كان غليظا فى مواجهة المؤمنين، و بالطبع أعلم أن النبى دعا الله بإسلام أحب العمرين إليه؟ لكنى أبحث هنا عن الأسباب وكيفية التحول النفسى والسلوكى، لنستفيد منها فى تغيير أنفسنا والآخرين.

 

ولم أجد جوابا شافيا عن سبب ذاك التحول الهائل العجيب، حتى قرأت كتاب” The Heart of Change- قلب التغيير” للبروفسير Koutter أستاذ إدارة التغيير جامعة هارفارد، يقول” إن مخاطبة العقل والتحليل لإحداث التغيير فى النفس والسلوك تكون مساهمتها ضعيفة 20% فقط، بينما مخاطبة العواطف والمشاعر عبر الرؤية البصرية يكون لها الفاعلية العظمى لتغيير السلوك 80% ” ، ثم يحدد مراحل التغيير فى النفس الإنسانية يقول

 

“We se; We fell; we change”

 

” نحن نرى نحن نشعر نحن نغير ”

 

فبدأت فى تحليل التغير المحورى الضخم الذى حدث لجدنا الفاروق؟ ذاك التغير الذى أهدى الإنسانية من ملأ طباق الأرض عدلا، من إذا سلك طريقا سلك الشيطان طريقا آخر، جدنا عمر بن الخطاب أحد العظماء الذين صنعهم محمد صلوات الله عليه، و انتهيت إلى أن الرؤية البصرية للدماء التى سالت بيده على وجه أخته كان لها عظيم الأثر فى مشاعره و إحساسه، فأزالت الغشاوة عن قلبه ليدخل القرآن، و تمنح التغيير قوة الإنطلاق.

 

إن مخاطبة العقل قبل صورة الدماء لم تفلح وحدها فى صناعة التغيير النفسى والسلوكى، عندما سألته أخته أرءيت إن كان الحق فى غير دينك؟ فلطمها، ربما تكون قد ساهمت قليلا، غير أنها عجزت عن تحقيق التحول النفسى و السلوكى، لتأتى صورة الدماء على وجهه أخته بعد ذلك، فتحدث الإنقلاب فى المشاعر والسلوك لتفتح مغاليق القلب العمرى، فأكرم بها من دماء.

 

إن الكثير منا يدرك عقليا الخطأ فى سلوكه، لكنه لا يمتلك القدرة على التصحيح، لأن تغيير السلوك يعتمد على إثارة المشاعر والعواطف، لخلق الرغبة التى تمنح التغيير قوة الإنطلاق، إن صورة رئة مصابة بالسرطان على علبة التبغ أقدر على التغيير وأعمق أثرا فى التحول النفسى والسلوكى للإقلاع عن التدخين من الحديث عن أضرار التدخين لساعات، لتأثير الرؤية البصرية لتلك الرئة المصابة فى المشاعر والعواطف وهنا يبدأ التحول.

 

نستطيع التغيير فى أنفسنا عند تخيل الصور السيئة لنتائج سلوكياتنا الخاطئة و دعم ذلك بمخاطبة عقولنا أيضا، نستطيع أن نغير فى أبناءنا أو العاملين معنا أو الراغبين فى تغيير سلوكهم الخاطئ من خلال هذه القاعدة الذهبية – ليشاهد الخاطىء نتائج سلوكه ثم يتأثر ثم يغير، استعين بالصور المرئية قدر الإمكان فإنها بداية التحول فى المشاعر الذى يفضى لتغيير السلوك.

 

فلا تنسى عزيزى “نحن نرى نحن نشعر نحن نغير”

تحياتى وتقديرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى