مقال

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الهوية الإسلامية، فبدأ هؤلاء الأعداء المتسترون في الإسلام يضعون الخطط، للتخلص من هذا الدين القوي، الذي قوّض أركان دولتهم، والذي لا يمكنهم مواجهته بالسلاح، وإنما عليهم أن يواجهوه بتدبير خبيث يتم في السر وفي مأمن من ملاحقة الدولة الإسلامية اليقظة، وتسعى الشعوب والأمم على اختلاف توجهاتها وأديانها ومكوناتها الثقافية والاجتماعية إلى إيجاد بصمة تميّزها عن غيرها، وتجعل لها مكانة خاصة فريدة تتسم بها بهدف تحقيق التميز والتقدم والارتقاء الإنساني الذي لا يمكن أن يكون دون وجود طابع فريد يميز أمة عن أخرى، وشعب عن آخر، ومن هنا ظهر مفهوم الهوية الذي يجمع معلومات الإنسان الأساسية مثل اسمه.

 

ومكان ولادته، وأفكاره ومعتقداته، حتى قصة معاناته بحسب تعريف الفلسفة للهوية، إضافة إلى الانتماء الفكري والديني الذي يحمله، لغاية تحقيق وجوده بالمعنى المكتوب، ويختلف مفهوم الهوية بحسب الاسم الذي تضاف إليه، وبحسب الصفة التي تتبع كلمة هوية، والهوية اسم نسبة إلى هو، ومن معانيها في اللغة العربية البئر بعيدة القعر، وهوية الإنسان هي حقيقته وأوصافه التي تميّزه عن غيره من الأفراد، فكانت هناك الحركات الباطنية أولى حلقات المؤامرة على الهوية الإسلامية، وقد بدأت هذه الحركات في وقت مُبكر، وفي تستر كامل، نظرا لضعفها، وإدراكا منها لوعي المجتمع، وقوة إحساسه بأي أمر دخيل يخالف هويته وعقيدته.

 

وكانت حركة السبئيين، بقيادة عبدالله بن سبأ اليهودي هي أولى هذه الحركات، التي بدأت محاولات تشويه الهوية الإسلامية، من خلال المبادئ التي أخذ ابن سبأ ينشرها، وهي أنه وجد في التوراة أن لكل نبى وصيا، وأن علي بن أبى طالب رضى الله عنه هو وصيّ محمد، وأنه خير الأوصياء، كما أن محمدا خير الأنبياء، ثم إن محمدا سيرجع إلى الحياة الدنيا، ويقول عجبت لمن يقول برجعة المسيح، ولا يقول برجعة محمد، ثم تدرج إلى القول بألوهية عليّ بن أبى طالب رضي الله عنه، ولقد همَ الإمام علي بقتله، فنهاه عن ذلك عبدالله بن عباس رضي الله عنه فنفاه إلى المدائن، ولما استشهد الإمام علي، استغل ابن سبأ ألم الناس لفقده، وعاد إلى أباطيله مدعيا أن المقتول ليس الإمام علي.

 

وإنما هو شيطان تصور صورته، ثم على منهاج ابن سبأ تتابعت الحركات الباطنية، التي رأت أن خير وسيلة للقضاء على الإسلام هي تشويهه في نفوس أتباعه، تحت ستار من المكر والدهاء، وكان من هذه الحركات كذلك، هى الحركة الراوندية التي نسبت إلى مدينة راوند، التي اتخذها أتباع الحركة مقرا لهم، وقد بدأ أتباع الحركة أعمالهم بالترويج للمعتقدات الفارسية، وقد مكن الله تعالى أبا جعفر المنصور أن يقضي عليهم، ثم ظهرت حركة الخرّمية، وهي حركة أخذت اسمها من زوجة مزدك زعيم الإباحية القديم عند الفرس، واسمها خُرّما، وقد استطاع الخليفة المعتصم أن يقضي عليهم بعد قتل زعيمهم بابك الخرمي، وكذلك أيضا ظهرت حركة الزنج وحركة القرامطة.

 

وسار على نهج هذه الحركات إخوان الصفا، والإسماعيلية، تلك الحركات التي أرادت أن تقضي على مفهوم الإسلام الصحيح بدعوى أن القرآن له ظاهر وباطن، ومحاولة نشر عقائد المجوس والزرادشتية بين المسلمين، سعيا لبث الفرقة بين المسلمين، ومن ثم يتخلصون من الإسلام دون مواجهة بالسلاح، وبالرغم من خطورة هذه الحركات، إلا أن يقظة المجتمع الإسلامي حُكاما ومحكومين لم تمكنها من الوصول إلى هدفها الخبيث، وكما كان الحكام يواجهون أتباعها بالسيف، فقد كان العلماء يواجهونهم فكريا، ويظهرون للمسلمين ضلالهم وأهدافهم، وتشمل الهوية على أنواع منها الهوية الفردية، وهي الهوية التي توضح ماهية الإنسان ومن هو..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى