مقال

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الحق و اليقين، وينجم عن خاصية الشرعية والحماية القانونية، وهى ربط حماية الحق بالسلطة العمومية ممثلة في الدولة، وتحديدا السلطة القضائية، وكذلك امكانية توقيع الجزاء على كل منتهك لحق من الحقوق المشروعة للأشخاص، وقد يفرض هذا الجزاء عن طريق دعوى مدنية كما قد يفرض عن طريق دعوى عمومية، وعموما تتميز الحماية القانونية بأنها مادية وملموسة وحالة والجزاء المترتب عنها توقعه سلطة عمومية، ويتخذ هذا الجزاء صور ثلاث، وهى الجزاء المباشر أو العينى كما نص عليه القانون المدني بقولها أنه يجبر المدين بعد اعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكنا، فإذا امتنع المدين يمكن إجباره على ذلك.

 

والتعويض ويتمثل في إلزام المخطئ بالتعويض لفائدة صاحب الحق المتضرر، كما قد يحكم بالتعويض فى حالة ما إذا كان التنفيذ مستحيلا أو غير مجديا، كما تقضي بذلك المادة من القانون المدنى، وأيضا إعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل حدوث المخالفة أو رد الشيء إلى أصله، ولقد فطر الله تبارك وتعالى العباد على قبول الحق والانقياد له، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته، وفطرها كذلك على بغض الباطل والكذب، والنفور عنه، وعدم السكون إليه، ولو بقيت الفطر على حالها لما آثرت على الحق سواه، ولما سكنت إلا إليه، ولا اطمأنت إلا به، ولا أحبت غيره، ومن تدبر القرآن الكريم أيقن أنه حق وصدق، بل أحق كل حق، وأن الذى جاء به أصدق خلق الله، وأبرهم، وأتقاهم، وأعلمهم.

 

ولهذا ندب الله تعالى عباده إلى تدبر القرآن الكريم, فقال سبحانه وتعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” فلو رفعت الأثقال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن، واستنارت فيها مصابيح الهدى والإيمان، وعلمت أنه الحق، وما سواه باطل, فقال سبحانه وتعالى فى سورة سبأ ” ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل إليك من ربك الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد” فهذه القلوب هى التي تنقاد لحكم الله، وتسلم لأمره, وإن الله تبارك وتعالى خلق مخلوقاته كلها بسبب الحق، ولأجل الحق فقال سبحانه وتعالى فى سورة الدخان ” وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون” والحق هو الحكم والغايات التي لأجلها خلق الله ذلك كله.

 

وهي كثيرة، ومنها أن يُعرف الله بأسمائه وصفاته، وأفعاله وآياته، ومنها أن يحب ويُعبد، ويُذكر ويُشكر، ويُطاع فلا يُعصى، ومنها أن يأمر وينهى، ويشرع الشرائع، ويدبر الأمر، ويتصرف في ملكه بما يشاء، ومنها أن يثيب ويعاقب، فيجازي المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء بإساءته، فيظهر أثر عدله وفضله لعباده، فيحمد على ذلك ويُشكر، ومنها أن يعلم خلقه أنه لا إله لغيره، ولا رب سواه، ومنها ظهور آثار أسمائه وصفاته على تنوعها وكثرتها جلية في مخلوقاته، ومنها أنه سبحانه وتعالى يحب أن يجود وينعم، ويعفو ويغفر، ويسامح ويصفح، ولا بد من لوازم ذلك عقلا وشرعا، ومنها أنه يحب أن يثنى عليه، ويُمدح ويُمجّد، ويُسبّح ويُعظم، وغير ذلك من الحكم التي تضمنها الخلق.

 

وكل من عُرض عليه الحق فرده ولم يقبله عُوقب بفساد قلبه وعقله ورأيه, فقال سبحانه وتعالى فى سورة الصف ” فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين” ومن كفر بالحق بعد أن عمله كان سببا لطبع الله على قلبه, فقال سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا” والقلوب عند ورود الحق عليها لها أربعة أحوال، فهى قلب يفتتن به كفرا وجحودا, وقلب يزداد به إيمانا وتصديقا, وقلب يتيقنه فتقوم عليه به الحجة, وقلب يوجب له حيرة وعمى فلا يدرى ما يراد به, وقال سبحانه وتعالى فى سورة المدثر ” وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين فى قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى