مقال

نفحات إيمانية ومع النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 10″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي، وقيل أنه لم يستثني من عمليات التصفية الجسدية بحق شيعة الإمام على، حتى الصحابة الأجلاء الكبار أمثال، حجر بن عدي الكندي, وعمرو بن الحمق الخزاعي, وعمرو بن عميس بن مسعود ابن أخي الصحابي عبد الله بن مسعود, وغيرهم، وكان النعمان بن بشير، واحدا من أولئك الذين لهم نصيب وافر من هذه الجرائم والموبقات والمخازي، وكن هل أن مثل النعمان بن بشير وهو أحد أدوات معاوية بن أبى سفيان يميل إلى التسامح واللين والإصلاح ؟ وهل أن مثل معاوية من يميل إلى حقن الدماء وهو الذي حتى عندما أحس بدنوّ أجله أصر على تنصيب يزيد بن معاوية مكانه في الخلافة وسخّر كل وسائله في سبيل ذلك.

 

رغم إنه يعرف ابنه جيدا، ولقد عُرف معاوية بأساليبه ودواهيه العظمى لتحقيق مآربه ولعل في استقراء أحداث تلك الفترة ما يوضح سبب تولية النعمان بن بشير، على الكوفة من قبل معاوية دون غيره ويفصح عن سبب تغافل النعمان عن حركة مسلم بن عقيل، في الكوفة وعدم التصدي لها ومجابهتها، وقد قيل أنه كان النعمان بن بشير الأنصاري بعيدا عن الإمام علي رضى الله عنه، وقد خاض الدماء مع معاوية بن أبى سفيان خوضا، وكان من أمراء يزيد ابنه حتى قتل وهو على حاله، ورغم أن هذا الوصف ينفي ما وصُف به النعمان من التسامح والمداراة إلا أنه لا يعطي الصورة الحقيقية له، وقيل بأن هناك حديث عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ميز به المؤمن من المنافق.

 

فقال صلى الله عليه وسلم ” يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة” فكان الصحابة يعرفون المنافقين منهم ببغضهم للإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، وقيل أنه بلغ من وفائه لمعاوية أن حُظي بمنزلة كبيرة عنده, وكان يكرمه ويرفع من شأنه أمام أهل الشام, وكان يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير وقد رأيتم ما صنعت به, وكان ولاه الكوفة وأكرمه، نعم هكذا ينتقي معاوية رجاله من الناس، وقد أقام النعمان في الكوفة بعد رحيل أبي هريرة عنها أشهرا ثم خرج فارا, فمرّ بعين التمر، وهي مدينة عراقية بين كربلاء والأنبار وهناك قبض عليه مالك بن كعب الأرحبي وكان عاملا للإمام علي بن أبى طالب، عليها فقال له.

 

مالك ما مر بك ههنا ؟ فقال النعمان إنما أنا رسول بلغت رسالة صاحبي ثم انصرفت، ولكن مالك لم يقتنع بقوله فارتاب منه وحبسه، ثم قال له تبقى هنا كما أنت حتى أكتب إلى الإمام علي فيك, فتوسل إليه النعمان أن لا يكتب إلى الإمام علي وأن يطلق سراحه وأقسم له أنه أدى رسالته وهو عائد إلى الشام, فقد ثقل على النعمان مواجهة الإمام على رضى الله عنه، وهو على هذه الحال بعد أن قيل أنه أعطى كلمته بأنه سيبقى معه وفر منه بعد ذلك, ولكن مالك أصرّ على مكاتبة على بن أبى طالب بمصيره, وحاول النعمان التخلص منه بشتى الطرق, فسمع بأن قرظة بن كعب الأنصاري قد جاء إلى عين التمر يجبي خراجها للإمام علي, فأرسل من يعلمه بحاله مع مالك وأوصاه بأن يحضر لينقذه من هذا المأزق.

 

فجاء قرظة مسرعا حتى وصل إلى مالك بن كعب فقال له خل سبيل هذا الرجل، يرحمك الله، فقال له مالك يا قرظة, اتق الله ولا تتكلم في هذا فإن هذا لو كان من عباد الأنصار ونساكهم ما هرب من أمير المؤمنين على بن أبى طالب، فلم يزل قرظة يقسم عليه ويرجوه أن يطلق سراحه حتى خلى سبيله، ولكن مالك لم يكن ليترك النعمان يذهب وهو يظن بأنه قد خدعه بكلامه فقد وجه إليه كلاما أذله فيه، وقيل أنه قال له يا هذا لك الأمان اليوم والليلة وغدا ثم والله لئن أدركتك بعدها لأضربن عنقك، ولم يصدق النعمان أنه قد أفلت من مالك، فما كاد مالك ينتهي من كلامه حتى ركض مسرعا وركب بعيره ليبتعد بما يستطيع عن مالك وهو يسير على غير هدى وبقي في الصحراء ثلاثة أيام لا يدري إلى أين تقوده راحلته ؟ بل لا يدري أين هو؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى