مقال

نفحات إيمانية ومع أول أنبياء الله عز وجل “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع أول أنبياء الله عز وجل “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكل الجزء الرابع مع أول أنبياء الله عز وجل، والنبي شيث قيل أنه وُلد بعد وفاة هابيل، فسماه آدم بهذا الاسم، فلما قتل قابيل هابيل حسدا واستكبارا، وفرّ مع زوجته من الجبال، حيث كان يسكن آدم وأبناؤه، إلى السهول، اصطفى الله تعالى من بني آدم شيثا عليه السلام، فكان يعين أباه في أمر الدعوة والنصح والإرشاد، لا سيما مع ازدياد البشرية، وتناسل وتكاثر بني آدم، وكما ذكر في قصته، فإن آدم عليه السلام، عاش قرابة الألف سنة، فرأى من بنيه وبني بنيه الكثير، وحين حضرت الوفاة لأبو البشر آدم عليه السلام، عهد لولده شيث بأمر بنيه، وأوصاه على أمورهم والقيام بشؤونهم، فتولى شيث عليه السلام أمر المسلمين، وعندما توفيت أمه حواء بعد وفاة زوجها بسنة.

 

تكفل بأعمال دفنها بالطريقة التي علمتهم إياها الملائكة عندما دفنت أباه، ثم أخذ يشرِّع للبشرية أمور الدين، ويبين لهم الحلال والحرام، وقيل أن الله سبحانه وتعالى أنزل عليه خمسين صحيفة، وصار الناس يمتثلون إلى شريعته وشريعة أبيه عليهما السلام، ومما شرع لهم تحريم الاختلاط بقوم قابيل، لما كان من فساد أمرهم، وسوء أخلاقهم، والتزموا بأمره بعدم التوجه إلى السهول والاختلاط بقوم قابيل، وكان ذلك امتثالا لهذا التشريع الرباني من نبي الله شيث، الذي بقي الناس ممتثلين له، حتى توفاه الله تعالى، فعُهد أمر الناس بعده إلى ابنه أنوش، ولم يبعث الله تعالى نبيا بعده مباشرة، بل بقي الناس دون نبي، متبعين ما شرع لهم هذا النبي الكريم، وأبوه آدم عليهما السلام.

 

ومع غياب الأنبياء بعد وفاة أنوش، أراد الشيطان أن يوقع المعاصي في بني آدم، ويستميلهم ليعصوا الله تعالى، ويطيعوا هوى أنفسهم، ليكون ذلك بداية العصيان في الأرض، والخروج عن أمر الله تعالى، فذهب إلى قوم قابيل في السهول لِما يُعرف عنهم من ميل للباطل، وبعد عن القوم الصالحين، فتشكل لهم بهيئة غلام، وعمل أجيرا، لدى رجل منهم، وبعدها بزمن أخذ يبتكر لهم الأمور الغريبة، وأشكال اللباس المتنوعة، فكان هو من يبتكر لهم موضة الملابس، ثم جعل لهم عيدا يجتمعون فيه، فتتبرج النساء للرجال، وصنع لهم مزمارا، كمزامير الرعاة، وأخذ يزمر فيه بصوت جميل لم يُسمع مثله من قبل، وفي تلك الأثناء أخذ الصوت ينتقل في الهواء.

 

حتى اقترب من الجبال، فسمعه بعض قوم آدم من ضعيفي النفس، ولفتت غرابته انتباههم، فأخذوا يقتربون من ديار قوم قابيل، ويراقبونهم من بعيد، ويستمعون إلى مزاميرهم، لكنهم انتهوا عن عصيان ما في شريعة شيث عليه السلام، واكتفوا بالاستماع والمشاهدة من بعيد، وفي إحدى المرات تجرأ رجل من قوم شيث عليه السلام، ودخل بين قوم قابيل في عيدهم، فتعجب من حسن نسائهم، وطريقة تبرجهن، حيث كانت نساء السهول من قوم قابيل صباح الوجوه، وفي رجالهم دمامة، فيما كان رجال الجبال من قوم آدم صباح الوجوه وفي نسائهم دمامة، ثم رجع ذلك الرجل إلى رفاقه، وأخبرهم بما رأى من حسن وجمال وتبرج.

 

حتى أغراهم بما قال ووصف، فعصوا شيثا عليه السلام، ودخلوا في عيدهم، واختلطوا بنسائهم، وافتتنوا بحسنهن، وافتتنت النساء بحسنهم، فتحلقوا حولهم، وحدث اللقاء بينهم، ليكون ذلك أول زنا يقع في تاريخ البشرية، وبعد تلك الحادثة تسامع ضعفاء الإيمان من قوم شيث ما حدث، فهفت نفوسهم إلى المعاصي والافتتان بالنساء، وأخذوا يهاجرون من الجبال إلى السهول، حتى بدأ يقل عدد أصحاب شيث عليه السلام مقابل زيادة عدد قوم قابيل، ودب الفساد والفسق والفواحش في قوم قابيل ومن هاجر إليهم، وامتد فحشهم إلى خارج قراهم، فأخذوا يهجمون على المؤمنين فيؤذونهم ويقتلون منهم، وبعد هذا الفساد والكفر في قوم قابيل، والفتنة التي أصابت قوم شيث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى