مقال

عصمة الدنيا والدين شجرة الدر ” جزء 1″

عصمة الدنيا والدين شجرة الدر ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأيام لفي مرورها عبرة وعظة فإنها دوارة ولن تدوم ولن تستقر فلم يهنئ بها أحد فإن أضحكته يوما أبكته أياما حيث قال تعالي ” وتلك الأيام نداولها بين الناس” ولقد كان للمرأة حضور كبير عبر مختلف العصور وفي جميع المحافل، فالمرأة نصف المجتمع وعضو فاعل في الأحداث، وفي التاريخ الإسلامي كان للمرأة دور كبير أيضا لا يمكن إنكاره، ويوجد الكثير من أسماء النساء التي برزت بقوة وكتبت عنها كتب التاريخ بفخر وإعجاب، بدءا من النساء في العصور القديمة وفي عصر الجاهلية، ومرورا بسيرة الصحابيات وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وغير ذلك الكثير، ومن أبرز العصور الإسلامية التي لعبت بها المرأة دورا بارزا عصر المماليك، وتحديدا شجرة الدر، التي تعد من أشهر النساء في عصرها.

 

فإن شجرة الدر هي عصمة الدين أم خليل الملقبة بشجرة الدر، حيث كانت جارية للسلطان الصالح نجم الدين أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها، ثم أنجبت منه ابنها خليل، كما أنه تمت مبايعتها لتولي عرش مصر بعد وفاة السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وبعد ثمانين يوما تنازلت عن العرش لزوجها عز الدين أيبك، ويقول المؤرخ ابن إياس عن شجرة الدر ” كانت ذات عقل و حزم، كاتبه قارئه، عارفه بإمور المملكه، وكما نالت من الدنيا ما لم تنله امرأه قبلها و لا بعدها” ولقد ندر أن تحظى امرأة بما حظيت به من عناية المؤرخين مثل هذه المرأة وهي شجرة الدر، فعلى الرغم من أهمية كونها زوجة آخر السلاطين الأيوبيين، ثم زوجة لأول سلاطين المماليك فإن الذي منح شجرة الدر مزيدا من الاهتمام والشهرة على من سواها.

 

من زوجات السلاطين هي أنها كانت سلطانة مصر لمدة يسيرة، وذلك بعد أن كانت محض جارية مغمورة مجهولة النسب والهوية، فوافق حالها حال الأرقاء الذين سادوا الدولة فيما بعد، وسُمُوا بالمماليك، وشجرة الدر هو لقب لامرأة اسمها عصمة الدين أم خليل، وقد اختلف المؤرخون في تحديد هويتها، فالبعض قالوا بأنها تركية، والبعض قالوا بأنها رومانية أو شركسية، كما قيل إنها أرمنية أو سورية، وقد كانت شجرة الدر جارية اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وكانت تحتفظ بمكانة عالية عنده فأعتقها وتزوجها، وأنجبت منه ابنها الخليل الذي مات فيما بعد ولم يعش طويلا، وقد كانت شجرة الدر تتمتع بذكاء حاد وجمال وفطنة، كما أنها كانت تجيد القراءة والغناء والخط ومتعلمة، ونالت الإعجاب الكبير بفنها المتميز وفتنتها الطاغية.

 

ولقد كانت مصر قبل وفاة السلطان نجم الدين أيوب نافرة تصد الحملة الفرنسية عليها، فكانت وفاة السلطان كفيلة بترجيح كفة المعركة لصالح لويس التاسع، إلا أن التدخل السريع لشجرة الدر درأ عن مصر خطر الهزيمة باتخاذها إجراءات سياسية وعسكرية صائبة أكسبتها احترام قادة الجند الذين رضوا بها سلطانة عليهم، وإن لم يطل ذلك، وقيل أنه لا يُعرف لشجرة الدر أصل أكيد على وجه التعيين إذ ذهب مؤرخون إلى أنها إما تركية أو أرمينية، على حين أن آخرين يطمئنون إلى أنها تنحدر من بيئة بدوية تكشف الوجه، وتركب الخيل، شأنها في ذلك شأن الرجال مساواة وقدرا، وقيل أن المؤرخين لا يهتدون إلى نسب محدد لها، نافين بالجملة أن تكون شجرة الدر تركية أو أرمينية أو جركسية، أو حتى من بنات الفرنجة.

 

وكانت شجرة الدر إمرأة ذات صفات مميزة يصعب إيجاد شخصية مثلها، إذ كانت إمرأة شديدة القوة، وشجاعة، وذات عقل حكيم، وجريئة، وحكيمة، وقائدة، وعلى الرغم من امتلاكها لجميع هذه الصفات المميزة إلا أنها كانت شديدة الإعجاب بنفسها وبقدراتها، الأمر الذي أوقعها في العديد من المشاكل، ودفع بها إلى التفكير باتجاه مغاير للفكر المتعارف عليه في تلك الحقبة، وشجرة الدر، هي واحدة من السيدات اللاتى حكمن مصر، وهى المرأة الوحيدة التى استطاعت تولى عرش مصر وحكمها من بعد الفتح الإسلامى وإلى الآن، ليوضع اسمها جنبا إلى جنب مع الملكة حتشبسوت وكليوباترا، وشجرة الدر هى جارية السلطان الصالح نجم الدين أيوب، سابع سلاطين الدولة الأيوبية، وزوجته وأم ولده خليل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى