مقال

عروة بن مسعود الثقفي ” جزء 2″

عروة بن مسعود الثقفي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع عروة بن مسعود الثقفي، فقال عروة بن مسعود من هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم، “إنه ابن أبى قحافة” فقال والله لولا أن لك عليّ يدا لأجبتك، وفي رواية محمد بن إسحاق عن الزهري عن المسور في هذا الحديث قال ولكن هذه بتلك، يعني هذه الإساءة منك أكلت جميلك السابق وليس لك عندي جميل، فمعنى الكلام أنك لو تكلمت في حق آلهتنا لرددت عليك لأنك استوفيت جميلك السابق بهذه الكلمة العظيمة، ثم كان وقت الظهر فجيء للنبي صلى الله عليه وسلم، بوضوء، وترك النبي صلى الله عليه وسلم، يفعلون ما كان ينهاهم عنه قبل ذلك وهذه سياسة حكيمة، هذه هي السياسة الشرعية، رعاية المصالح، والنبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينهى الصحابة عن القيام فقد فعلوا في هذا الموقف ما هو أعظم من القيام.

 

ومع ذلك تركهم النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ حتى يرى عدوه أن هؤلاء لا يسلمونه أبدا وأن هؤلاء لو دخلوا في حرب لا يهزمون، وجيء بوضوء فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم، فاغتسل أصحابه على وضوئه، ما سقطت قطرة ماء على الأرض، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، ينهى عن أقل من ذلك، ولما قال له رجل أنت سيدنا وابن سيدنا قال “قولوا بقولكم ولا يستجدينكم الشيطان إنما أنا عبد الله ورسوله” وهو مجرد كلام قاله الرجل وهو كذلك، هو سيدنا لا شك في ذلك ومع ذلك يقول “قولوا بقولكم ولا يستجدينكم الشيطان إنما أنا عبد الله ورسوله” تركهم يغتسلون على وضوئه وما تنخم نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يحدون النظر إليه تعظيما له، أي لا ينظر إليه فيملأ عينيه منه ولكن كان يصوب وجهه إلى الأرض.

 

ولا يرفعون أصواتهم عنده، وركب عروة بن مسعود حتى أتى قريشا فقال يا قوم، إني قد وفدت على الملوك، على كسرى وهرقل والنجاشي، وإني والله ما رأيت ملكا قط أطوع فيمن هو بين ظهرانيه من محمد في أصحابه، والله ما يشدون إليه النظر، وما يرفعون عنده الصوت، وما يكفيه إلا أن يشير إلى أمر فيفعل، وما يتنخم وما يبصق إلا وقعت في يدي رجل منهم يمسح بها جلده، وما يتوضأ إلا ازدحموا عليه أيهم يظفر منه بشيء، وقد حرزت القوم، واعلموا أنكم إن أردتم السيف بذلوه لكم، وقد رأيت قوما ما يبالون ما يصنع بهم إذا منعوا صاحبهم، والله لقد رأيت نسيات معه إن كن ليسلمنه أبدا على حال، فروا رأيكم، وإياكم وإضجاع الرأي، وقد عرض عليكم خطة فمادوه، يا قوم، اقبلوا ما عرض فإني لكم ناصح، مع أني أخاف ألا تنصروا عليه.

 

وهو رجل أتى هذا البيت معظما له، معه الهدي ينحره وينصرف، وعن عروة بن مسعود الثقفي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوضع عنده الماء فإذا بايعه النساء غمس أيديهن فيه، وروي عن عروة بن مسعود الثقفي أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، “لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله، فإنها تهدم الخطايا كما يهدم السيل البنيان” وقيل يا رسول الله، كيف هي للأحياء؟ قال “هي للأحياء أهدم وأهدم” وعن عروة بن مسعود الثقفي قال أسلمت وتحتي عشرة نسوة إحداهن بنت أبي سفيان، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “اختر منهن أربعا وخل سائرهن” فاخترت منهن أربعا، منهن بنت أبي سفيان، وقيل أنه استأذن عروة بن مسعود من النبي صلى الله عليه وسلم، أن يرجع إلى قومه فقال “إني أخاف أن يقتلوك”

 

قال لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له فدعاهم إلى الإسلام، ونصح لهم فعصوه، وأسمعوه من الأذى، فلما كان من السحر قام على غرفة له فأذن فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال “مثل عروة مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه” واختلف في اسم قاتله فقيل أوس بن عوف، وقيل وهب بن جابر، وقيل لعروة ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قبل أن يرتحل عنكم فادفنوني معهم فدفنوه معهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى