مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو نعيم الأصبهاني ” جزء 4″

الدكروري يكتب عن الإمام أبو نعيم الأصبهاني ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام أبو نعيم الأصبهاني، وكتاب الأربعين على مذهب المتحققين من الصوفية، وجزء فيه طرق حديث إن لله تسعة وتسعين اسما، وكتاب رياضة الأبدان، وكتاب الضعفاء، ومجلس من أمالي أبي نعيم، وكتاب الشعراء، وبهذه الجهود وهذا البذل للسنة وعلومها كان أصحاب الحديث يقولون “بقي الحافظ أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا، ولا غربا، أعلى إسنادا منه، ولا أحفظ منه” وكان من عقيدة أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله أن الحكم في عقائد الناس أشد من الحكم في دمائهم، والسبيل إلى معرفة ما كان عليه السابقون إنما يؤخذ مما كتبوه لا مما قيل فيهم من غير تثبت ولا سبر لأقوالهم، وقد اضطربت الأقوال في بيان عقيدة أبي نعيم، فقد وصف بأنه أشعري، وأنه شيعي، وقد ذكره ابن عساكر في طبقات الأشاعرة.

 

في كتابه “تبيين كذب المفتري” وقال ابن الجوزي “كان يميل إلى مذهب الأشعري في الاعتقاد ميلا كثيرا ” ونقل ذلك عنه ابن كثير في البداية والنهاية، وبنى على ما سبق الدكتور محمد لطفي الصباغ في كتابه “أبو نعيم وكتابه الحلية” ووصفه بالغلو في مذهب الأشاعرة، ولابد من محاكمة لأبي نعيم فيما نسب إليه، فلا نجد شيئا يشهد عليه، وإنما شهوده أقواله التي نقلها عنه الأثبات والتي تبين براءته مما نسب إليه، فقد نقل ابن تيمية عن أبي نعيم قوله في علو الباري تبارك وتعالى “وقد أجمعوا السلف أن الله تعالي فوق سماواته عالي على عرشه مستوي عليه لا مستول عليه كما تقول الجهمية إنه بكل مكان” وجعل ابن القيم أبا نعيم أحد أئمة أهل الحديث الذي رفع الله منازلهم في العالمين وجعل لهم لسان صدق في الآخرين، وعده من الأئمة الذين يؤخذ بقولهم في الرد على المعطلة والمشبهة.

 

فقال “قول شيخ الصوفية والمحدثين أبي نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء قال في عقيدته “وأن الله سميع، بصير، خبير، يتكلم، ويرضى، ويسخط، ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا، وينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء” وهذا ما لا تعتقده الأشاعرة أو تقول به، وبعد فهذه النقول والنصوص لا تبقي لأحد أي شبهة للطعن في معتقد أبي نعيم رحمه الله وأنه إن شاء الله على منهج السلف في الاعتقاد، وكما نسب أبو نعيم إلى التشيع، فقد نقل صاحب كتاب “روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات” عن أحد الشيعة قوله “وهو أبو نعيم من محدثي العامة ظاهرا إلا أنه من خُلص الشيعة في باطن أمره، والتي يتقي ظاهرا على ما وافق ما اقتضته الحال” وحجتهم أن أبا نعيم رحمه الله قد ذكر في ترجمة علي بن أبي طالب كثيرا من الأحاديث والآثار في مناقبه والتي لا توجد في كثير من الكتب المصنفة.

 

وأن كتابه يعد مرجعا لعلماء الشيعة في جمع النصوص للرد على المخالفين لهم ويقصد أهل السنة، ولكن قيل في الرد علي ذلك بإن أبا نعيم قد ترجم في كتاب الحلية قبل علي بن أبي طالب لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وإن أبا نعيم قد صنف كتابا عنوانه “تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة” وطبع بعنوان “تثبيت الإمامة والرد على الرافضة” صنفه لتثبيت الإمامة والخلافة الأولى لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأنه الرجل الذي أجمعت عليه الأمة، ثم يعرض للشبهات التي يثيرها الروافض ويرد على الأحاديث التي يدعون زورا وبهتانا أنها تنص على خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وصنف أبو نعيم كتابا سماه “فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم” وبدأه بذكر فضائل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.

 

فلو كان من أهل التشيع لما فعل هذا، ونسبته إلى التشيع كذب ظاهر يكفي في رده ما عرف عن الشيعة من الكذب والتزوير، وإن شاء الله أنه على معتقد أهل السنة والجماعة، وأما عن مذهب الإمام أبي نعيم الفقهي، فقيل أنه لا يوجد له مصنف ينصر فيه مذهب من المذاهب الأربعة أو غيرها، ولم يؤلف في الفقه كتاب على أي منهج من مناهج التأليف المذهبية، أما كتاب مسند أبي حنيفة فهو في جمع مرويات أبي حنيفة رحمه الله وبيان من وافقه على مروياته تلك، والكتاب ليس في نصرة مذهب أبي حنيفة ولا بتخريج أحاديث مصنف في الفقه الحنفي، ولكن أصحاب كتب تراجم الشافعية يذكرونه من بين أعيان المذهب الشافعي ومن أولئك، تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى، وأبو بكر بن هداية الله الحسيني في طبقات الشافعية، والإسنوي في طبقات الشافعية، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى