مقال

الدكروري يكتب عن مفهوم التقوي في الإسلام.

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مفهوم التقوي في الإسلام.

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد أمرنا الله عز وجل بالتقوي والخشية منه تعالي وإن مفهوم التقوى هو أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية، تقيه منه، وتقوى العبد لربه عز وجل هو أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه، فقال ابن عباس رضي الله عنهما “المتقون هم الذين يحذرون من الله وعقوبته” والتقوى هى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله، وعرّف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه التقوى فقال هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل، وأن المرء محتاج للتقوى ولو كان أعلم العلماء، وأتقى الأتقياء، يحتاج إلى التقوى لأن الإنسان تمر به حالات، ويضعف في حالات، يحتاج إلى التقوى للثبات عليها.

 

يحتاج إلى التقوى للازدياد منها، فاتقي الله حيثما كنت، في السر والعلانية، أتبع السيئة الحسنة تمحها، ولأن التقوى هي التي تصحبنا إلى قبورنا فهي المؤنس لنا من الوحشة والمنجية لنا من عذاب الله العظيم ، فقد دخل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، المقابر فقال ” يا أهل القبور ما الخبر عندكم، إن الخبر عندنا أن أموالكم قد قسمت وأن بيوتكم قد سكنت وإن زوجاتكم قد زوجت، ثم بكى ثم قال والله لو استطاعوا أن يجيبوا لقالوا إنا وجدنا أن خير الزاد التقوى” وإن للتقوى آثارا عظيمة على حياة المسلم، ولهذا فسّر السلف التقوى بأن حقيقتها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله ، ترجو بذلك ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله ، تخاف من عقاب الله تعالي.

 

فتعمل بطاعة الله على نور وبصيرة، وترجو بذلك فضله ورحمته وكرمه، وتترك معصية الله على بصيرة، وتخاف من عقاب الله، فيحملك على فعل الأوامر طاعة الله ورسوله، وابتغاء مرضاته، ويحملك على ترك المعاصي خوف الله عز وجل، وعلمك باطلاع الله عليك، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، شحم طاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات، خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا ” ويجب على المؤمن أن يحاسب نفسه، فإن رأى أنه وقع في إثم أو وقع في خطأ تدارك الخطأ والزلل، بالإقلاع عن ذلك الذنب، والتوبة النصوح إلى الله، وإن أحس نقصا أو تقصيرا في العمل فليستعن بالله تعالي، وليجد وليجتهد في إكمال ذلك النقص.

 

وإصلاح ذلك العمل، وعن العرباض بن سارية، قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصبح فوعظنا موعظة بليغة زرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فقال ” أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ” وكان من دعاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ” وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله قائلا أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه من اتقاه وقاه، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك”

 

وكذلك أيضا كتب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز إلى رجل فقال له ” أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل” وإن هذه التقوى لها فضائل عديدة، فمن فضائلها أنها من أسباب دخول الجنة، ومن فضائل التقوى أنها تقي العبد عذاب الله يوم القيامة، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اكثر ما يدخل الناس الجنه فقال ” تقوى الله وحسن الخلق ” فتقوى الله وحسن الخلق من أعظم أسباب دخول الجنة، وسأل عمر بن الخطاب كعبا فقال له ما التقوى؟ فقال كعب يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا فيه شوك؟ قال نعم، قال فماذا فعلت؟ فقال عمر أشمر عن ساقي وانظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة، فقال كعب تلك هي التقوى”

 

فعليك أن تبتعد عن كل المعاصى والمحرمات كبيرها وصغيرها، فلا يُعقل أنك تتقي الله عز وجل بأفعال تقودك إلى سوء المُنقلب في الآخرة وإلى عذاب الله يوم القيامة، وكلما كنت أكثر بُعدا عن الوقوع في المُحرمات ألبسك الله ثوب التقوى الذي به تخشع الجوارح والأركان وتطمئن، ويجب عليك أن تتقي الله في أقوالك وأفعالك وأحوالك، فتقدم أمر الله على أمرك، وتقدم قول الله تعالي على قولك، وتقدم حكم الله عز وجل على حكمك، وتقدم قضاء الله واختيار الله على اختيارك، وتكون تقوى الله في قلبك وأن يكون قلبك سليما فلا غل ولا حسد ولا كراهية ولا ضغينة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى