مقال

الطريق إلى موت القلوب

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الطريق إلى موت القلوب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شي عليم واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، إن في شريعتنا الحنيفية السمحة أخلاق عالية، وأدب عظيم، وفضائل عدة، لكن المصيبة هي غفلة كثير من المسلمين عن هذه الأخلاق والقيم، وتناسيهم لها، وعدم عملهم بها، فينشأ النشء من غير أن يقيم لتلك الأخلاق وزنا، وكان المطلوب منا جميعا أن نربي نشأنا التربية الإسلامية الصحيحة على الأخلاق الإسلامية والقيم الإسلامية، التي يسعد بها الفرد في حياته وآخرته، ومن أسباب السعادة هو دوام ذكر الله على كل حال، فبذكر الله تطمئن القلوب، وكما تورث الغفلة عن ذكر الله ألوانا من الضيق والعذاب، وهي طريق إلى موت القلوب.

“ومثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت” ومصيبة أن يميت الإنسان نفسه وهو يعد في عداد الأحياء؟ وأعظم ممن ذلك أن يرضى المرء بقرين الشيطان عوضا عن الأنس بالله، وإن نفع الخلق والإحسان إليهم بالمال أو الجاه أو البدن كل ذلك يورث السعادة، فإن المحسنين الكرماء أشرح الناس صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا، أما البخلاء فهم أضيق الناس صدرا وأنكدهم عيشا، فإذا أورث الكرم السعادة وانشراح الصدر، فكذلك الشجاعة تورث السعادة، فالشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متسع القلب، والجبان أضيق الناس صدرا وأحصرهم قلبا وإن لذة الحياة وجمالها وقمة السعادة وكمالها لا تكون إلا في طاعة الله، ومهما ابتغيت السعادة بغير ذلك فهي وهم زائف.

وما أهون الحياة الدنيا على الله وقد حكم على متاعها بالقلة مهما تكاثر أو تطاول في أعين الجاهلية “قل متاع الدنيا قليل” وحذارى أن تغرك سعادة لحظة عن السعادة الأبدية، أو تفتن بلذة عاجلة تعقبها ندامة آجلة، احذر أن تكون في حضيض طبعك محبوسا، وقلبك عما خلق له مصدودا منكوسا، حذار أن ترعى مع الهمل، أو تستطيب لقيعات الراحة والبطالة، وتستلين فراش العجز والكسل، فتبصر حين تبصر وإذا بجياد الآخرين قد استقرت في منازلها العالية وأنت دون ذلك بمراحل وتود الرجعة لتعوض ما فات ولكن هيهات، فكيف ترجو السعادة وتأمل النجاة ولم تسلك مسالكها، وهل رأيت سفينة تجري على اليابس؟ فحاسب نفسك على الصلاة ولا تأمل السعادة وأنت ساه مضيع لها والله يقول “فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون”

ولقد أخطأت الفهم حين قدرت أن سماع الغناء المحرم وسيلة لسعادة والأنس في هذه الحياة، وفي ذلك ضلال عن طريق الهدى والرشاد، ولقد جاء الإسلام رسالة إنسانية عالمية لكل الناس، وليس للعرب وحدهم، ومع أنهم طليعة الدعوة، بل هم فيه سواء مع كل الناس، وقد تحدد مكانتهم بالتقوى، وما يبذلونه في سبيل هذا الدين الذي شرّفهم الله تعالى به، ولقد عُني الإسلام بالأخلاق منذ بزوغ فجره وإشراقة شمسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى