مقال

الدكروري يكتب عن الجنة ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الجنة ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع الجنة ، وهذا أنس بن النضر رضي الله عنه قال “إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، فقاتل في غزوة أحد حتى قتل” ألا وإن أعظم ما في الجنة من النعيم ، هو التمتع برؤية وجه الله الكريم، فبينما أهل الجنة في نعيمهم إذ بالمنادي ينادي يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحي على زيارته، فيقولون سمعا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعدا وجمعوا هنالك فلم يغادر الداعي منهم أحدا، أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من لؤلؤ ومنابر من نور، ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة، وجلس أدناهم وحاشاهم أن يكون فيهم دني على كثبان المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا.

حتى إذا استقروا في مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم نادى منادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار، فبينما هم كذلك إذا سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم وقال يا أهل الجنة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول يا أهل الجنة، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة، أن قد رضينا فارض عنا، فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني، فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليك.

فيكشف لهم الرب جل جلاله عنه الحجب ويتبدى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تبارك وتعالى محاضرة حتى إنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول يا رب، ألم تغفر لي؟ فيقول بلى، بمغفرتي بلغت منزلتك هذه، وإن الطمع في الجنة قائد، وإن الخوف من النار زاجر وسائق ، والجنة حق أن يطلبها المسلم باذلا جهده، لأن فيها الخلود في النعيم، ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا هل مشمّر للجنة، فإن الجنة لا خطر لها، هي، ورب الكعبة، نور يتلألأ وريحانة تهتز، وقصر مشيد ونهر مُطرد، وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة ومقام في أبد، في دار سليمة.

وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهيّة، قالوا نعم يا رسول الله، نحن المشمّرون لها، قال قولوا إن شاء الله، فقال القوم إن شاء الله” رواه ابن حبان، وهكذا فإن الطاعة لله عز وجل والعمل الصالح لهما آثار وثمرات كثيرة تعود على العبد في الدنيا والآخرة، ومن أعظم هذه الآثار والثمرات هو محبة الله عز وجل والقرب منه، فالعمل الصالح سبب لحب الله عز وجل لعبده، ويُورث الود في قلوب الخلق، وهو سبب للسعادة في الدنيا والآخرة، وهو سبب البشرى من الله عند الممات، وفي قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فأطبق عليهم، كان للعمل الصالح أثرا عظيما في نجاتهم من الهلاك، فانظر لقد توسل كل واحد من هؤلاء الثلاثة بعمله الصالح فشاء الله أن يكون سببا في نجاتهم من الهلاك، ولو أن واحدا منا كان معهم أو مكانهم فأي عمل كان يرجوه كي يتوسل به إلى الله ويدعو به فيكون سببا في نجاته؟

فاتقوا الله تعالى واعلموا أن الأعمال هي حصيلة الإنسان التي يخرج بها من هذه الدنيا، ويترتب عليها مصيره في الآخرة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “يتبع الميت ثلاثة أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله” متفق عليه، والعمل هو رفيق الإنسان في قبره ينعم به إن كان صالحا، ويعذب به إن كان سيئا، فقد جاء في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في القبر بصورة رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسّرك، فيقول الميت من أنت فوجهك الوجه الحسن بالخير؟ فيقول أنا عملك الصالح وأما العمل السيّئ فيأتي صاحبه في القبر بصورة رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث، كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا في معصيته فجزاك الله شرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى