مقال

الدكرورى يكتب عن أحسنوا الظن بالله ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن أحسنوا الظن بالله ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن عليك أيها المسلم أن تستلهم من مسيرة حياتك وتأخذ العبرة من لحظات الضعف التي كنت بها قبل أن تصبح رجلا قويا، فتكرس قوتك وتسخرها لعبادة الله وطاعته وتنتهز لحظات القوة لكي تؤدى واجب الطاعة والعبادة للخالق الذي أمدك بالقوة ووهبك العقل والفكر والبصيرة ، فلا تضيع قوتك التي سوف تزول لا محالة في هوى النفس وشهواتها ولا تفنى هذه القوة في معصية الله وكن قويا بالله، فمن كان مع الله، كان الله معه ومن كان الله معه، فمعه القوة التي لا تغلب ولا تقهر، فكن قويا بإيمانك بالله، فسألوا الله عز وجل من فضله فإن الله عز وجل يحب أن يسأله عباده كل حوائجهم الدقيق والجليل وأملوا من الله العطاء وقد قيل أفضل العبادة انتظار الفرج، فإن أفضل ما يرجوه العبد من ربه أن يأمل عطاءه فإنه من أحسن الظن بربه نال منه كل ما يرجوه ويتمناه، وتقوى الله رأس الأمر فبها تحل الكرب، وبها تدرك المطالب.

وبها يخرج الإنسان من المضايق، فقال ربكم جل في علاه ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا” أى تقوى الله تعالى وهي مراقبته وخوفه ومحبته وتعظيمه مع القيام بأمره ظاهرا وباطنا والانتهاء عما نهى عنه قدر الطاقة والوسع، كل ذلك مخرج من كل ضيق على الناس فمن ضاق عليه أمر فليستعمل التقوى، فالله لا يخلف الميعاد ولا تستبطئ فرجا ولا تستأخر عطاء وإجابة فالله جل في علاه لا يخلف الميعاد, ولابد أن تنال ما تؤمل من وعده إذا أتيت بالشرط ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” وإن من أفضل ما يعنيكم على تحقيق التقوى ألا تستعجلوا وتستبطئوا العطاء ولا تستأخروا إجابة الدعاء، وأحسنوا الظن بالله تعالى فما أحسن عبد الظن بربه إلا بلغه الله نواله، وقد قال الحق وهو الذي قوله الحق ومن أصدق من الله قيلا, قال “أنا عند ظن عبدي بي” فالله لك كما تظن فيه فإن ظننت فيه خيرا.

وبرا وإحسانا وجودا وإجابة دون اغترار نلت منه كل عطاء وبر، واستعملوا في كل بلية حُسن الظن بالله عز وجل فإنه يكشفها جل في علاه، فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج من أن تسيء الظن به أو أن تقنت من رحمته، وما أحسن عبد الظن بالله إلا جعل له من كل ضيق فرجا, ولا تقل كيف إن ربي لطيف لما يشاء يؤتيك ما تأمل من حيث لا تحتسب, يرزق من يشاء بغير حساب، افعل السبب وأمل من الله الفرج فإن الله تعالى عنده كل ما تأمل, ومن تقوى الله أن تحفظه وأن تحسن الصلة به في الرخاء، فمن الناس من لا يعرف الله إلا في الشدة وفي الرخاء ينساه وهؤلاء قد ينالون مؤملوهم عند الدعاء في الشدة لكنهم محرمون الأجر والبر والإحسان لكن العاقل الرشيد هو من فعل وعمل بوصية خير الأنام صلى الله عليه وسلم ” تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة” فكن لله كما يحب في السعة يكون لك كما تحب في الضيق.

تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، اجتهد في معاملتك لربك وكن على حال حسنة فيما بينك وبينه وهذا لا يعنى ألا يقع منك هفوة أو ألا تذل منك قدم أو ألا تتورط في معصية فكل ابن آدم خطاء لكن كن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم” اتقى الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها” وأعظم الحسنات الماحيات للسيئات صدق التوبة إلى الله تعالى، فأقبلوا على الله عز وجل وأكثروا من حسن الصلة به في السعة سيكون لكم كما تحبون في الشدة, أكثروا من الاستغفار أيها المؤمنون فبالاستغفار تنال العطايا تغفر الخطايا ينال العبد ما يؤمل من عطاء الرب جل في علاه فالاستغفار فرج من كل هم ما أكثر ذنوبنا وما أكثر خطايانا وما أكثر ما نعصى ونذل فلنكثر أمام الكثير من الخطأ الاستغفار والتوبة والأوبة, كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسب له في المجلس الواحد مائة مرة استغفر الله العظيم وأتوب إليه.

فاستغفروه بكرة وأصيلا واستعملوا الاستغفار في كل أحوالكم فإنه قال صلى الله عليه وسلم ” إنه ليغان على قلبى” يعني يصيب قلبه صلى الله عليه وسلم شيء من الغيم وهي طبقة رقيقة فيقول ” وإنى لأستغفر الله فى اليوم مئة مرة” استغفر الله العظيم وأتوب إليه, استغفروا ربكم إنه كان غفارا، فبالاستغفار تنحل الكرب، وقد جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه مِن حيث لا يحتسب” فاتقوا الله عباد الله, وواظبوا على الاستغفار ولازموه فإن الله يجعل لكم به من كل هم فرج ومن كل ضيق مخرجا، وإن من أعظم ما تفرج به الكروبات ويخرج الإنسان به من المضائق والخطوب والمدلهمات أن يلجأ إلى الله تعالى بالدعاء فالدعاء أقوى ما تقابل به المصائب وأقرب ما تنال به المطالب وأفضل ما ترتقي به الدرجات في ثواب الله وعطائه, فالدعاء هو العبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى