مقال

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع شهر رمضان والإعجاز القرآني، وعند ذكر أهل النار وهم يعذبون، فمع أن الجلد سيحترق مع ما تحته من العضلات، وغيرها، إلا أن القرآن لم يذكرها،لأن الشعور بالألم تختص به طبقة الجلد وحدها، وحقا والله ما قال ربنا في كتابه العزيز كما جاء فى سورة فصلت ” سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد” ولقد كان المعتقد أن الإحساس من صفات الجسد بكل أجزائه، وأنه متساو في درجة إحساسه بالأشياء، لكن علم التشريح الحديث جاء بحقيقة جديدة كان الناس يجهلونها هى أن مرا كز الإحساس وغيره إنما تتركز بالجلد بكمية كبيرة، حتى إن الإنسان لا يشعر بألم وخز الإبرة إذا أدخلت في جسمه إلا عند دخولها منطقة الجلد فقط، والقرآن الكريم يذكر هذه الحقيقة قبل علماء التشريح في القرن العشرين.

 

أى أن الإحساس بالألم والعذاب يتركز فى جلودهم، فإذا نضجت استراحوا من عذاب النار، لكن العليم الخبير بخلقه يعلم ذلك، ويخبرنا به قبل أن نعرفه، ويقول إنه سيبدلهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، فهل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم أجهزة تشريحية خاصة به من دون الناس؟ أم أن هذه آية من آيات صدق نبوته صلى الله عليه وسلم، وإن من أنواع إعجاز القرآن ما أخبر به من الشفاء في عسل النحل فقال تعالى فى سورة النحل ” ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون” فالعسل شفاء من أمراض كثيرة، بل له أثر في عامة الأمراض، وبخاصة مع الحبة السوداء، فالعسل قاتل للجراثيم، ويمنع نمو البكتريا، بل يؤدى إلى قتلها فورا، وهو مضاد للعفونة، فيمكن أن يبقى آلاف السنين دون أن يصيبه أى تلف أو فساد إذا أحسن تخزينه.

 

فهو لا يفسد حتى لو تعرض لكل أنواع الميكروبات، وفى تجارب معمليه متعددة مِن علماء مصريين، وفي جامعات غربية متعددة أحضرت أنواع الميكروبات المسببة للأمراض مثل التيفود، والدوزنطاريا، والسل، وزرعت في عسل النحل، فوجد أنها ماتت جميعا، منها ما هلك خلال خمس ساعات، ومنها ما بقي عشر ساعات، ومنها ما هلك خلال أربع وعشرين ساعة، وأعلاها مقاومة بقي لمدة أربعة أيام فقط، وحقا إن العسل كما قيل هو مقبرة حقيقية للميكروبات، كما إن العسل سبب في التئام الجروح المستعصية، واندمال الحروق، وللشفاء من أمراض كثيرة بإذن الله تعالى، أيها الصائمون ما أحسن قراءة القرآن للصائم فى رمضان، وما ألذ حروفه في اللسان، وألطف وقعها على القلوب حينما يفرغ البطن ويصفو العقل من كدر المأكولات والشهوات يكون للقرآن طعم آخر فالطعام والشراب والشهوة تكسب القلب قسوة.

 

والنفس غفلة، والجوارح ثقلا وكسلا، فيأتي الصيام ليقدح الفكر، ويذهب الغفلة، وينقل القارئ الصائم إلى التفهم والتدبر، والمعرفة ورقة القلب، وهذه الحال التي يمكن للقارئ الاستفادة منها، فالعين ترى فى تلك الصفحات المشرقة نورا يهديها إلى الطريق المستقيم، والأذن تسمع أحلى كلام يصل الأسماع، والقلب يتنعم بتلك المعانى المؤثرة التي تزرع فيه حب هذا الكتاب وحب منزله العظيم، فيعظم رجاؤه لما عند الله من الخير، ويشتد خوفه أن يصل إليه غضبه أو تناله عقوبته، والعقل يتدبر ذلك الكلام البديع الذي لا يدرك من أسراره إلا الشيء اليسير، وكلما زادت قراءته وتأمله انكشفت له حقائق ودقائق لم تكن مرت عليه من قبل، وإن القرآن الكريم لا ينفع قارئه إلا إذا تدبره، والصوم زمان خصب لتحقيق هذه الغاية الحميدة، ومن الخطأ الكبير أن يكون الهم الأكبر للقارئ فى رمضان وفي غير رمضان.

 

الوصول إلى نهاية السورة أو نهاية المصحف بإسراع القراءة وأكل الحروف والكلمات، وقال بعض السلف”لأن أقرأ في ليلتى حتى أصبح بإذا زلزلت، والقارعة، لا أزيد عليهما أتردد فيهما، وأتفكر أحب إلى من أهذ القرآن ليلتي كلها، والقرآن إنما أنزل للتدبر الذى يعقبه العمل به، وإن تدبر القرآن يفتح لصاحبه آفاقا رحبة من الخير العاجل والآجل، فهو يريه طرق الخير وأهلها، وسبل الشر وأصحابها، فيدعوه إلى الطريق الأولى وصحبة سالكيها، ويحذره من الطريق الأخرى والهالكين فيها، ويريه حكمة المشرع المعبود سبحانه وتعالى فى نهيه وأمره، وعظمته في خلقه، وفضله فى إكرامه، وعدله فى عقابه، وقوته فى مؤاخذته، ورحمته بعباده، وسعةَ علمه في مخلوقاته، وجبروته فى قهر أعدائه، ونصرته لأنبيائه وأوليائه، وعزته ومنعته أن يناله أذى المؤذين، وقدرته أن يفوته أحد المخلوقين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى