مقال

الدكروري يكتب عن الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وكان فصيح اللسان بالعربية والفارسية، حسن الحديث في الجد والهزل، وتوفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وكثر التأسف عليه، ودفن إلى جوار أبيه، وهكذا كان ناصح الدين عبدالرحمن بن نجم بن عبدالوهاب بن الحنبلي، الشهير بناصح الدين ابن الحنبلي، وهو من أشهر أعلام بيت ابن الحنبلي، وهو حفيد الشيخ شرف الدين بن عبدالوهاب الشيرازي، وكان مولده في سنة أربع وخمسين وخمسمائة من الهجرة، وأخذ العلم عن والده العالم الشيخ نجم الدين الحنبلي ولازمه، وارتحل إلى بغداد والموصل وأصبهان ومصر ومكة، يسمع على علمائها، وكان مدرسا بمدرسة جده للحنابلة، ووعظ وأفتى، ودرّس في البلاد التي دخلها مثل مصر وحلب وإربل، والموصل وأصبهان، وبيت المقدس والمدينة، وعظمت مكانته، وكان ذا حُرمة عند سلاطين آل أيوب في الشام، وعند الخليفة العباسي الناصر، والناصر صلاح الدين الأيوبي.

 

وانتهت للناصح رئاسة المذهب في بلاد الشام بعد الموفق ابن قدامة، بل كان يساميه في حياته، وقال الناصح كنت قد قدمت من إربل سنة وفاة الشيخ الموفق، فقال لي قد سُررت بقدومك مخافة أن أموت وأنت غائب، فيقع وهن في المذهب، وخُلف بين أصحابنا، وشهد له بالفضل كثير من العلماء، قال المنذري أنه كان فاضلا، وله مصنفات، وهو من بيت الحديث والفقه، وحدّث هو وأبوه وجده، وجد أبيه، وجد جده، وقال ابن النجار أنه كان فقيها، فاضلا، أديبا، حسن الأخلاق، وقال الذهبي أنه كان رئيس المذهب في زمانه بدمشق، ومصنفاته في فنون عدة منها كتاب أسباب الحديث، وكتاب الإنجاد في الجهاد، وكتاب تاريخ الوعاظ، وكتاب أقيسة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وكتاب الفصول السبعة، وكتاب الاستسعاد بمن لقيت من صالحي العباد في البلاد، وغيرها، وتوفي سنة أربع وثلاثين وستمائة، وله ثمانون سنة.

 

وله أقارب وذرية علماء خلفوه في التدريس والوعظ والفقه، وكانت والدته هي اللطيف بنت ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب السعديّة العبادية الخزرجية الأنصارية الحنبلية، وتوفيت في ستمائة وثلاث وخمسين من الهجرة، وهي عالمة وشيخة وكاتبة وفقيهة متفقهة على المذهب الحنبلي، وهي من ذرية الصحابي الأنصاري سعد بن عبادة، وعملت في خدمة ربيعة خاتون وهي أخت صلاح الدين الأيوبي حتى ماتت فحُبست لفترة، ثم تزوجت من الملك الأيوبي الأشرف موسى بن إبراهيم حاكم حمص وتل باشر، وتتحدر من عائلة عريقة عُرفت بالعلم والدين والجهاد ولهم مكانة سياسية، قامت ببناء الكثير من المدارس ودور العلم، وألفت الكثير من الكتب المتخصصة بالفقه الحنبلي والشريعة، وجذورهم تعود للمدينة المنورة، وكانوا يعيشون في مدينة شيراز ثم انتقلت العائلة إلى الشام وهناك اشتهروا.

 

وكان جد جدها هو أبو الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي المتوفى عام ربعمائة وست وثمانين من الهجرة، وكان عالما وفقهيا حنبليا وواعظا وكاتبا ومفتيا، عاش في البدء في بيت المقدس فنشر فيها المذهب الحنبلي ثم انتقل لدمشق فنشر فيها المذهب الحنبلي أيضا، وكان شيخ الشام في زمانه وله حظوة وتعظيم كبير عند الملوك والسلاطين خصيصا الملك السلجوقي تتش بن ألب أرسلان، وعبد الواحد هو من أسس هذه العائلة التي لقبت ببيت ابن الحنبلي وخرج من نسله الكثير من العلماء، ووالد جدها العالم عبد الوهاب بن عبد الواحد كان فقيه حنبلي وواعظ ومفسر وكاتب ومفتي، وله تعظيم عند البوريون ملوك دمشق، وحينما حاصر الإفرنج الصليبيون دمشق عام خمسمائة وثلاث وعشرين من الهجرة، كان عبد الوهاب رئيس الوفد الذي أرسله الملك تاج الملوك بوري للخليفة المسترشد بالله لكي يساعدهم، وقد قام ببناء الكثير من المدارس ودور العلم.

 

وجدها العالم نجم بن عبد الوهاب كان فقيها ومفتيا وشيخ الحنابلة في زمانه، وكان جليسا ونديما وصديقا لصلاح الدين الأيوبي، وأعمام والدها عبد الكافي وعبد الحق ومحمد وعبد الهادي أبناء عبد الوهاب، كانوا جميعا فقهاء على المذهب الحنبلي ومحدثين ووعاظ ومفتون ومفسرون وقراء وعلماء وفرسان حاربوا الصليبيون، وأصحاب لملوك الشام من الزنكويون والأيوبيون، وأما والدها العالم ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم الملقب بالناصح ابن الحنبلي فقد كان أيضا مؤرخا وفقهيا وواعظ ومحدث وكاتبا وفارسا، وهو شيخ الحنابلة في زمانه، وحارب مع صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين وكان مقربا إليه وكثيرا ما يستفتيه صلاح الدين، وكانت له أيضا حرمة عند الملوك والسلاطين خصوصا الأيوبيون، وقد قام ببناء الكثير من المدارس هو وأجداده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى