مقال

الدكروري يكتب عن خطورة الفتوي بغير دليل ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خطورة الفتوي بغير دليل ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هى لك صدقة، ولو تصابيت لأولادك هذا العمل لك صدقة، فعن أبى معاوية قال صلى الله عليه وسلم “من كان له صبي فليتصاب له” أى إذا أخذت ابنك بالعيد وركبته ببعض الألعاب، وأنت إنسان عظيم، ولك مكانة كبيرة، فهذا لا يطعن في مكانتك، هذا يعلى قدرك عند الله، حفظته من الزيغ، وكذلك فإن العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا، فإن عملك الذى ترتزق منه لمجرد أن يكون مشروعا فى الأصل، وسلكت فيه الطرق المشروعة، ونويت منه كفاية نفسك، وكفاية أهلك، ولم يشغلك عن طاعة، ولا عن طلب علم، ولاعن أداء واجب دينى، انقلب هذا العمل إلى عبادة، أما العكس غير صحيح، فالنوايا الطيبة مهما سمت لا يمكن أن تجعل الحرام حلالا، فالنوايا الطيبة تجعل المباح عبادة، أما الحرام فحرام مهما كانت وراءه نية عالية، لذلك يقول الفضيل “العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا”

 

فيكون خالص ما ابتغى فيه وجه الله، وصواب ما وافق السنة، فالعمل يجب أن يوافق السنة، ويجب أن تبتغي فيه وجه الله، فإن ابتغيت به وجه الله وكان غير موافق للسنة فهو مرفوض، ولو أنك فعلت شيئا موافقا للسنة، فالعمل لا يقبل إلا إذا كان خالصا وصوابا، خالص ما ابتغى به وجه الله، وصواب ما وافق السنة، وإن الدليل هو قول تعالى فى سورة النمل” وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين” لذلك كل عمل يقوم فيه المؤمن ولو كان مباحا فيه نية عالية أصبح عبادة، أما الحرام فهو حرام مهما حسنت نية فاعله، وهكذا فإنه لا تقبل الأعمال بنوايا طيبة إذا كانت مخالفة للسنة، لأن الهدف النبيل له وسيلة نبيلة، والأهداف لا تبرر الوسائل، يجب أن تختار أهدافا نبيلة، وأن تختار لها وسائل نبيلة، لذلك الغاية تبرر الواسطة، وهذا كلام مرفوض وغير مقبول، لأنه يجب أن تكون الواسطة من جنس الغاية، من جمع مال من ربا.

 

أومن سحت، فهو حرام، لو قدمه في وجه الخير، ويحشر الأغنياء أربع فرق يوم القيامة، فريق جمع المال من حرام وأنفقه في حرام، فيقال خذوه إلى النار، وفريق جمع المال من حرام وأنفقه في حلال فيقال خذوه إلى النار، وفريق جمع المال من حلال وأنفقه في حرام خذوه إلى النار، فهكذا فإن النوايا الطيبة والقصد الشريف لا يبرر الشر، فإن الشر شر فى أى نية، الحرام فى الإسلام لا تؤثر فيه النوايا، ولا المقاصد، لكن المباحات والعادات إذا كان وراءها نوايا طيبة تنقلب إلى عبادات، وإن الدليل هو قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه مسلم والترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا” ويقول الله عز وجل فى الحديث القدسى” أنا أغنى الأغنياء عن الشرك” فإن القلب المشترك الله عز وجل لا يقبل عليه، والعمل المشترك لا يقبله، فهو سبحانه وتعالى لا يقبل قلبا مشتركا.

 

أى فيه شرك ولا عملا مشتركا أى فيه حرام وفيه حلال إن الله طيب ولا يقبل إلا طيبا، فإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى كما فى سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا” وقال تعالى فى سورة البقرة ” كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون” وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذى بالحرام، فأنى يستجاب له؟ رواه مسلم والترمذى، وأيضا فإن العبادة الحقيقية في كسب المال تحري الحلال، فإن أخطر موضوع على الإطلاق بعد الإيمان بالله الحلال والحرام، فعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ” رواه الطبرانى، فإن أكبر نشاط علمى.

 

عليه أن يتجه إليه المؤمن بعد معرفة الله تعالى هو تقصي الحلال والحرام في بيته، في عمله، في كلامه، في لقاءاته، في نشاطاته، في سفره، في حله وترحاله، فعن أبى هريره رضى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم”ومن جمع مالا من حرام ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه” رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ” لا يكسب عبد مالا حراما، فيتصدق به فيقبل منه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث” رواه احمد، فيجب عليه تركه لم ينفقه ولم يتصدق منه، لذلك العبادة الحقيقية في كسب المال تحرى الحلال، والعبادة الحقيقية فى إنفاق المال تحرى الوجه الصحيح الذى يريده الله عز وجل، فإن ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى