مقال

الدكروري يكتب عن الإنسان وفتن الدنيا ” جزء 2″

جربدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان وفتن الدنيا ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فإن الخير هو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، والخير نسبي منه ما يقابل الشر، ومنه ما يقابل خيرا آخر لكونه أفضل منه، ويعتبر العمل الخيرى في الإسلام من أهم الأعمال شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة، وقد أكثر الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير، وجعله أحد عناصر الفلاح والفوز، كما أمر سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله، ونجد كذلك في القرآن الكريم ربطا بين الصلاة وإطعام المساكين، وروى ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير” وإن الله تعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا وأعظم ذخرا.

 

وأجدر باهتمام الإنسان، وخير له في الدنيا والآخرة، وإن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وفعل الخير الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالا دون سابق إخبار فقال لهم “من أصبحَ منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال “فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا، قال “فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة” رواه مسلم، وعن اسامه بن زيد رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” رواه الترمذي وابن ماجه.

 

ولذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم” حبائل الشيطان ” وإن المال أيضا يعتبر مادة الشهوات، فلذلك المؤمن يحصن نفسه من هذين الخطرين الشديدين، المرأة والمال، وإن للثياب وظيفتان وهما الستر والتزين، وإن قول الله عز و جل فى سورة الأعراف ” يا بنى آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما” وقوله عز و جل فى سورة الأعراف ” يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” ويوضح الله عز و جل فى هاتين الآيتين أن للثياب وظيفتين، وظيفة الستر ووظيفة التزين، فإذا انتقى الإنسان لونا جيدا لا مانع من ذلك، وإذا ارتدى ألوانا متناسبة لا مانع أيضا، وإن اختار ألوانا هادئة لا مانع أيضا، فضلا عن أن هذا الثوب يستر عورته، فإذا اجتهد في حسن اختيار اللون فهذا شيء غير محرم، فإنه يحقق هدف الزينة، فقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.

 

أن أحد أصحابه سأله، قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال “احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك” قلت فإذا كان القوم بعضهم في بعض، قال “إن استطعت ألا يراها أحد فلا يرينها” قلت فإذا كان أحدنا خاليا، قال “فالله أحق أن يستحيا منه” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وكذلك فإن التستر جزء من الدين، والفسق والمعصية تميلان إلى التعرى، وإذا بلغ الفجور أقصى حده تنشأ نوادى العُراة حيث يكون الإنسان فيها كالبهيمة، فإنها قضية ذوقية، فالإنسان جميل بالثياب، وبشع بلا ثياب، ولكن الأذواق سقطت فى وحُول الشهوات، حتى المرأة جمالها، في حشمتها، وفي ثيابها السابغة، فإذا تبذلت سقطت من عين الناس، وعن عطاء بن يسار قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن اخرج.

 

كأنه يعنى إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل، ثم رجع، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم” أليس هذا خيرا من أن يأتى أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟ ” وكأنه الآن يوجد اتجاه للشعر الثائر والمبعثر وهى أحدث صرعة في تصفيف الشعر فالأذواق هبطت، والأذواق الثابتة أصبحت ساقطة، وعن السيدة عائشه رضى الله عنها قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” تنظفوا فإن الإسلام نظيف” رواه ابن حبان، وهذه كلمة مطلقة يقولون فلان نظيف قد تعني أكثر من أنه نظيف البدن، فإنه واضح، وعلاقاته واضحة، وسره كعلانيته، ولا يوجد عنده خبث ولا خداع، ومبادئه صريحة، ووسائل مبادئه أوضح من مبادئه، وإن النظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة، فتنظفوا فإن الإسلام نظيف، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة، ويبدو أن المؤمن إذا تنظف كأنه تقرب إلى الله عز و جل، وكيف ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى