مقال

الدكروي يكتب عن إنسانية الرسول 

جريدة الاضواء

الدكروي يكتب عن إنسانية الرسول

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه قائدا للجيوش وكان معلما، وكان إماما كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في جيش، وكان في سرية، أو في غزوة من الغزوات كان يقرع بين نسائه، فمن خرج سهمها، أو قرعتها تسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت السيدة عائشة رضي الله عنها في سفرة، أو في غزوة من الغزوات، فقال صلى الله عليه وسلم للجيش تقدموا وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن الجيش، لماذا؟ لماذا تأخر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أهل بيته، ومعه أم المؤمنين السيدة عائشة؟ فقد تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن مقدمة الجيش وهم في القافلة حينما عادوا إلى المدينة ليدخل السرور على أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها، وليُذهب ما بها من ملل، وليُذهب ما بها من كآبة، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم “ألا تسابقيني؟” فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها.

 

“لقد سابقت النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلما حملت اللحم فسابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي “هذه بتلك” فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل مثل هذه الأمور التي ربما يعدها بعض الناس أنها لا تليق بالرجل الحازم العاقل، فإن بعض الناس لسوء فهمهم في الدين يظنون أن عبوس الوجه من الحزم، كلا كلا، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم بسّاما يكثر الابتسام، بل أمر أصحابه، وأمر المسلمين من بعده بالابتسامة، فبيّن لنا أن تبسمك في وجه أخيك صدقة” والله جل وعلا خاطب نبيه، وخاطب المؤمنين بقوله تعالى كما جاء في سورة النساء ” وعاشروهن بالمعروف” أي عاشروا النساء بالمعروف، فعلماء التفسير يقولون المعاشرة بالمعروف تكون بطيب القول، وبسط الوجه وأن يكون الوجه منبسطا، وأن يكون في الوجه بشاشة، فأنت حينما تتبسم في وجه امرأتك.

 

وتدخل عليها الفرحة والسرور فأنت مأجور على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” وأتدرون ما معنى كلمة أهلي هنا؟ فإن المقصود بها الزوجة، فالمسلم الحق يتأسّى بالنبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يبتسم في وجوه نسائه، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل من أمهات المؤمنين الغيرة الشديدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذه أم المؤمنين السيدة عائشة افتقدت النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة بحثت عنه فلم تجده، فإذا بها قامت، وخرجت خلف النبي صلى الله عليه وسلم تبحث عنه في الليل، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قائما يدعو في البقيع عند مقابر البقيع، مقابر الصحابة، يدعو لأصحابه الذين استشهدوا في بدر، فلما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قائما يدعو لشهداء بدر في البقيع عادت إلى فراشها وقد علا نفسها، فأحس بها النبي صلى الله عليه وسلم وسألها عن ذلك.

 

ثم قال لها “يا عائشة، أخفتي أن يحيف الله عليك ورسوله؟” أخشيتي يا عائشة، أن أكون قد ظلمتك، وذهبت لأخرى في ليلتك؟ ولم يغضب منها النبي صلى الله عليه وسلم، بل عاتبها عتابا خفيفا، وقالت “وما لي لا يغار مثلي على مثلك يا رسول الله؟” فإن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يهدى إليه أحيانا الطعام من بيت إحدى أمهات المؤمنين في بيت الأخرى، فحدث ذلك بالفعل، أن أهدت بعض أمهات المؤمنين طبقا فيه حلوى للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة السيدة عائشة رضي الله عنها وإذا بعائشة تتحرك الغيرة عندها، فتقوم إلى الطبق، فتكسره، فلم يغضب النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الأمر لأنه علم التكوين الفطري للمرأة، والتكوين الفطري للنساء، وأنه حينما تتحرك الغيرة عندهن يفعلن مثل هذه الأمور، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى طبقا فيه طعام عند السيدة عائشة، فأخذ طبقا مكان الطبق.

 

وأهدى إلى إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم رد إليها الهدية بهدية، ثم قال “غارت أمكم، غارت أمكم، وطبق بطبق، وطعام بطعام” فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج الأمور، لم يكن النبي ينتظر أن تخطئ المرأة خطأ، فيقوم عليها بالسب والضرب، والإهانة واللوم، والعتاب الشديد، ويظهر الكآبة والحزن والخصام، لا، لا، وقيل أنه قد اتفقت أم المؤمنين السيدة عائشة مع أم المؤمنين السيدة حفصة أن يقولا للنبي صلى الله عليه وسلم أنك أكلت طعاما عندها، وأن هذا الطعام رائحته غير طيبة، قال “والله ما أكلت إلا عسلا” قالت رائحتك رائحة مغافير، فحلف النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشرب العسل إرضاء لهن، وإذا بالعتاب ينزل من الله عز وجل كما جاء في سورة التحريم ” يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم” والخلاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحمل بعض الأذى.

 

وهذا من حُسن العشرة لنا معشر الأزواج ومعاشر الرجال، وهذا درس لنا أيها الأحبة، نتحمل بعض ما يقع من نسائنا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين يدخل بيت السيدة عائشة رضي الله عنها يكرم أهلها، فكان يكرم الصديق رضي الله عنه، وهذا درس لنا في إكرام أهل الزوجة، فإن من مفاتيح قلب الزوجة هو إكرام أهلها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحسن إلى الصديق، ويُحسن إلى عمر، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة إكراما لأبي بكر، وتزوج من السيدة حفصة إكراما لعمر رضي الله عنهم أجمعين، ولا ننسى هذا الموقف الذي اختبأت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها خلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الصديق أن يضربها في موقف معين، فاحتمت بمن؟ احتمت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت هذه المشاعر الطيبة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه لا تقلل أبدا من الرجولة، ولا تقلل من هيبة الرجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى