مقال

الدكروري يكتب عن المحافظة على الأموال العامة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المحافظة على الأموال العامة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد تربى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الحفاظ على المال العام ومراعاة حرمته، وكما أمر الإسلام بضرورة المحافظة على الأموال العامة، حذر أشد التحذير من الاعتداء عليها، أو تضييعها أو إفسادها بأي من صورة من الصور، فقد رأينا صورا عديدة للاعتداء على المال العام ومنها، الاعتداء على المرافق العامة، كالطرق العامة، أو المدارس، أو المستشفيات، أو وسائل المواصلات، أو شبكات المياه، أو الكهرباء أو الصرف الصحي، وغير ذلك فكلها مرافق عامة، فالواجب علينا المحافظة عليها وحمايتها والعمل على تنميتها وتطويرها، لأنها ليست لفرد دون جماعة، ولا لجماعة دون جماعة، بل هي لنا جميعا وللأجيال القادمة، ويعتبر الاعتداء عليها اعتداء على مجموع الأفراد والمجتمع لأن الذي يسرق المال العام يسرق الأمة كلها، وعليه إثم كل من له حق فيه فسرقته أعظم جرما من سرقة المال الخاص، ومنها عدم الوفاء بحق الخدمات العامة.

 

كالكهرباء، أو الماء، أو الغاز ونحو ذلك، أو التلاعب في عداداتها، أو الامتناع عن سداد فواتيرها المستحقة، فمن يفعل ذلك هو آكل للسحت، مخل بالعقود التي أمر الله سبحانه وتعالى الوفاء بها، ومنها الاعتداء على أملاك الدولة استيلاء أو إفسادا أو إضاعة أو تقصيرا، فيما كلف به الإنسان الحفاظ عليها، وهكذا يحذر الإسلام أتباعه الاعتداء على المال العام بأي وسيلة كانت، ويحثهم على العمل على حفظه وصيانته من الفساد، حتى يؤدى المال دوره باعتباره قيمة لا غني عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية، فمن خالف ذلك فهو داخل في وعيد ربه، وأن المال العام أمانة عند كل فرد من أفراد المجتمع سواء أكان مسؤولا عنه أم مستخدما له، فيجب عليه أن يحافظ على تلك الأمانة، وأن يرعاها، وأن يردها كاملة غير منقوصية، ومن هنا وجب على كل إنسان أن يحترم المال العام وسائر مرافق الدولة من المدارس والمعاهد والمستشفيات.

 

والطرق ووسائل النقل وغيرها من المرافق العامة باعتبارها ملك للناس جميعا، فعلينا أن نتصدى لكل ألوان التخريب أو الإفساد، مؤكدين أن المساس بها يعد جريمة شرعية وخيانة وطنية، والحفاظ على المال العام لا يقف عند حدود الوفاء بحقه، أو عدم الإهمال في شأنه، وإنما يجب أن نتحول إلى العمل الإيجابي بالحفاظ على هذا المال، كمالنا الخاص وزيادة، وأن نعمل على صيانته وحفظه من الضياع، وعلى حسن استخدامه واستثماره على الوجه الأكمل إن كان في نطاق الاستثمار، وعلى الجملة يجب أن يتعامل الإنسان مع المال العام في مجال الحفاظ عيه وحسن استثماره كما يتعامل مع ماله الخاص وأشد، ذلك أنه لو قصر في حق ماله الخاص لكان مردود التقصير عليه وحده، أما لو قصر في حق المال العام فالخسارة أفدح والمسؤولية أشد والإثم أكبر، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، فهو سبحانه القائل ” لا تخوتوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وأنتم تعلمون”

 

ألا وإن من أعظم الأمانات هو حفظ المال العام، وخطورة الاعتداء عليه، فما هو المال العام، وما هو منهج الكتاب والسنة في الحفاظ على المال العام، وجزاء المعتدي عليه في الدنيا والآخرة، وما صور الاعتداء عليه، وكيف نربّي أنفسنا وأولادنا على المحافظة عليه؟ فيدخل في المال العام كل ما يدخل في ميزانية الدولة، وكل مال ليس له مالك إلى بيت المال، ولقد أرشدنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى وسائل الحفاظ على المال العام وتنميته، فمن ذلك هو الدعوة إلى تنميته واستثماره حماية له من الاندثار والضياع، من خلال تحريم كنزه، ومن خلال تنمية المال بالعمل، ومن خلال الأمر بكتابة الأموال والإشهاد عليها، ومن خلال الأمر بمراقبة المال العام وحفظه، ومن وسائل المحافظة على المال العام أيضا هو تكبيره بالطرق الشرعية كأموال الزكاة وأموال الفيء وخُمس الغنائم وأموال الجزية، ومنها الاعتدال وترشيد الاستهلاك.

 

ومنها المحافظة عليه من الرّبا، ومنها عدم تسليم المال لمن لا يُحسن التصرف، ولأجل ذلك، فإن من أعظم الظلم هو الاعتداء على المال العام، كالاعتداء عليه بالسرقة، والاعتداء عليه بالغلول، ومنها الاعتداء عليه بصرفه في الباطل، ومنها الاعتداء عليه بعدم أداء الأمانة، ومن الخيانة هو أخذ الرشوة، ومن مظاهرِ الاعتداء على المال العام هو الإتلاف، ومنه تخريب المباني والحدائق وأثاث المدارس، كتشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها، أو إتلاف الأشجار، ومن مظاهر الاعتداء على المال العام هو الاستيلاء، ومنه الاختلاس والنصب والاحتيال، ومنها الغش ومنه عدم الوفاء بالشروط في تنفيذ العقود، والتساهل في الرقابة عليها، فقال صلى الله عليه وسلم “من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى