مقال

الدكروري يكتب عن فوائد المصائب والإبتلاءات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فوائد المصائب والإبتلاءات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الشدائد والمصائب والإبتلاءات التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، هذه لا بد لها من فوائد، فإن للشدائد فوائد بالرغم من أنها مكروهة للنفس، فمنها أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، ويدفع الكرب المكروب إلى التوبة، ويلجأ إلى الله، وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات، أن ينكسر المخلوق لله سبحانه، وأن يشعر بذله أمام الله، وأن يشعر بحاجته إلى ربه، وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد، ويتنقى من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمنا أدعية إذا نزل بنا الكرب، واشتدت الأمور، وضاقت علينا الأرض بما رحبت، علمنا ماذا نقول، فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم” رواه البخارى ومسلم.

 

وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث” وقال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس “ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب الله الله ربي لا أشرك به شيئا” وقال صلى الله عليه وسلم “من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال الله ربي لا شريك له كشف ذلك عنه” وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “دعوة المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له” فقد تمر بك ساعات شدة، قد تفصل من عملك، أو تفقد وظيفتك، فينزل بك الكرب، ويركبك الهم، أين تذهب؟ وماذا ستفعل؟ وكيف تعيش؟ ومن أين تكسب اللقمة التي تضعها في أفواه أولادك؟ ما مصيرهم؟

 

ولكن اعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأنه يرزق الطير في جوها، والنمل في جحرها، وأن الله لا يضيع عباده، واتق الله في جميع أمورك، حتى يجعل الله لك فرجا، ويرزقك من حيث لا تحتسب، ويا من ابتلاه الله في جسده فهو يئن تحت وطأة المرض، ويتلوى من الوجع على فراش الإصابة، تحيط بك هموم الآلام بأنواعها، ويا من ابتلاه الله في حبيبه، أو ولده، فهو يحس حرارة الابتلاء في كبده، لا تيأس، فإن فرج الله بالشفاء لآت، وإن لم يكن، وإن لم يحصل الشفاء، فهو ابتلاء ترفع فيه الدرجات في الجنات، وتضاعف الحسنات، ومن رحمة الله أن جعل طعم البلاء يخف على الإنسان كلما امتد زمن البلاء، فأنت ترى المريض المزمن في مرضه، اللحظات التي يعيشها الآن أهون عليه من اللحظات التي كانت عندما بدأ المرض لأنه قد تعود، مع أن المرض لم يخف، بل إنه ربما يشتد، ولكن الله يصبره، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة.

 

وإن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها فهي دار الأدواء والشدة والضنك ولهذا كان ما تتميز به الجنة عن الدنيا أنها ليس فيها هم ولا غم حيث قال تعالى فى سورة الحجر ” لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين” ولهذا كان من سنة الله بعد الشدة ومقاومة الظلم والظالمين والفاسدين والمستبدين وبذل أقصى الجهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهنا يأتي الفرج ويأتي بعد العسر اليسر، وإن العباد إذا نزلت بهم الشدائد فإنهم سرعان ما يقنطون، والله عز وجل قد جعل لكل أجل كتاب، وجعل لهذا الهم نهاية، ولهذا الكرب تفريج، ولكن العباد يستعجلون، والله سبحانه وتعالى يعجب ويضحك من قنوطهم ومن قرب فرجه، ولقد كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح يقول “مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين” وإن من سنن الله تعالى في خلقه.

 

أن جعل الحياة دائرة بين الشدة والفرج، والضيق والسعة، والحزن والسرور، وأهل الإيمان هم الذين يكونون في هذه الأحوال كلها بين الصبر والشكر، حيث يقول النبي الكريم صل الله عليه وسلم ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى