مقال

الدكروري يكتب عن المتاجرون بالبذل والإنفاق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المتاجرون بالبذل والإنفاق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأعمال محصاة عليكم لن يهمل منها صغيرة ولا كبيرة، فأكثروا من صالح العمل، وشمروا فإن الأمر جد خطير، وتأهبوا فإن الرحيل قريب، وتزودوا فإن السفر بعيد، وخففوا أثقالكم فإن العقبة كؤد لا يقطعها إلا المخفون، وإن بين يدي الساعة أمورا شدادا، وأهوالا عظاما، وزمانا صعبا، يتملك فيه الظلمة، ويتصدر فيه الفسقة، فيضطهد الآمرون بالمعروف، ويضام الناهون عن المنكر، فأعدوا لذلك الإيمان، وعضوا عليه بالنواجذ، والجأوا إلى العمل الصالح، وأكرهوا عليه النفوس، واصبروا على الضراء تفضوا إلى النعيم الدائم، واستبقوا الخيرات، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل الممات، فإن لله سبحانه وتعالي في كل نعمة حقا، فمن أدّاه زاده منها، ومن قصّر عنه خاطر بزوال نعمته، فأين المتاجرون بالبذل والإنفاق؟ أين المتاجرون بدفع الزكوات؟ أين الذين يتاجرون في هذا كله مع الله؟

 

وهل يخسر تاجر يتاجر في تجارة مع الواسع العليم القائل فى سورة البقرة ” مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم” فإن مفهوم الصدقة ينبغي أن يحيا فينا، فيتبوأ مكانا عليا، ويتصدر فهمنا، ويحكم سلوكنا، ويتوج عرش قلوبنا، حتى نتخلص من شح نفوسنا، وسوء ظننا، ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم ” ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدّم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة” متفق عليه، وقال عمر بن العزيز رحمه الله ” الصلاة تبلغك نصف الطريق، والصوم يبلغك باب الملك، والصدقة تدخلك عليه”

 

وإن للصدقة فضائل وفوائد، فإنها تطفئ غضب الله تعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم “إن صدقة السر تطفئ غضب الرب” وأنها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ” والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماءُ النار” وأنها وقاية من النار، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ” فاتقوا النار، ولو بشق تمرة” رواه البخاري ومسلم، وأن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة، كما في حديث عقبة بن عامر رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” كل امرئٍ في ظل صدقته، حتى يُقضى بين الناس” رواه أحمد والحاكم، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” رواه البخارى ومسلم.

 

وأن في الصدقة دواء للأمراض البدنية، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ” داووا مرضاكم بالصدقة” وكذلك فإن فيها دواء للأمراض القلبية، كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه ” إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم” رواه أحمد، وأن الله يدفع بالصدقة أنواعا من البلاء، وكما في وصية نبى الله يحيى عليه السلام لبني إسرائيل ” وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم” رواه الترمذى، وأن المنفق يدعو له الملَك كل يوم بخلاف الممسك، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ” رواه البخاري ومسلم.

 

وأن صاحب الصدقة يبارك له في ماله، كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله ” ما نقصت صدقة من مال” رواه مسلم، وأنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به، ولما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة عن الشاة التي ذبحوها ما بقي منها؟ قالت ما بقي منها إلا كتفها، فقال صلى الله عليه وسلم ” بقيت كلها غير كتفها ” رواه مسلم، وأن الله يضاعف للمتصدق أجره، كما في قوله تعالى فى سورة الحديد ” إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم” وأن صاحبها يُدعى من باب خاص من أبواب الجنة يقال له باب الصدقة كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من أنفق زوجين في سبيل الله، نودى في الجنة يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة،

 

ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريّان” قال أبو بكر يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نعم وأرجو أن تكون منهم” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى